مقدمة المؤلف بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم الْحَمد الله الْقَائِم بِالْقِسْطِ الْملك للقبض والبسط الَّذِي لَا راد لما يَقْضِيه وَلَا دَافع لما يمضيه أَحْمَده على نعمه الَّتِي لَا يُحْصى عَددهَا وَلَا يَنْقَطِع مددها وَأشْهد أَن لَا إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تزلف إِلَيْهِ وتكسب الحظوة لَدَيْهِ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمَبْعُوث بِالرَّحْمَةِ الْمُخْتَار لهداية الْأمة أرْسلهُ رَافعا لاعلام الحق صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله مصابيح الْخلق ثمَّ أَنِّي مَا رَأَيْت نوعا من الْعُلُوم وفنا من الأداب إِلَّا وَقد صنف فِيهِ كتب تجمع أَطْرَافه وتنظم أصنافه الا الْكَلَام فِي الْفرق بَين معَان تقاربت حَتَّى أشكل الْقرب بَينهَا نَحْو الْعلم والمعرفة والفطنة والذكاء والارادة والمشيئة وَالْغَضَب والسخط والخطا والغلط والكمال والتمام وَالْحسن وَالْجمال والفصل وَالْفرق وَالسَّبَب والآلة وَالْعَام وَالسّنة وَالزَّمَان والمدة وَمَا شاكل ذَلِك فَانِي مَا رَأَيْت فِي الْفرق بَين هَذِه الْمعَانِي وأشبهاهها كتابا يَكْفِي الطَّالِب ويقنع الرَّاغِب مَعَ كَثْرَة مَنَافِعه فِي مَا يُؤَدِّي إِلَى الْمعرفَة بِوُجُوه الْكَلَام وَالْوُقُوف على حقائق معانية والوصول إِلَى الْفَرْض فِيهِ فَعمِلت كتابي هَذَا مُشْتَمِلًا على مَا تقع الْكِفَايَة بِهِ من غير إطالة وَلَا تَقْصِير وَجعلت كَلَامي فِيهِ على مَا يعرض مِنْهُ فِي كتاب الله وَمَا يَجْزِي فِي أَلْفَاظ الْفُقَهَاء والمتكلمين وَسَائِر محاورات النَّاس وَتركت الْغَرِيب الَّذِي يقل تداوله ليَكُون الْكتاب قصدا بَين العال والنحط وَخير الْأُمُور أوسطها وَفرقت مَا أردْت تصمينه إِيَّاه من ذَلِك فِي ثَلَاثِينَ بَابا

1 / 21

الْبَاب الأول فِي الْإِبَانَة عَن كَون اخْتِلَاف الْعبارَات مُوجبا لاخْتِلَاف الْمعَانِي فِي كل لُغَة وَالْقَوْل فِي الْبَيَان عَن معرفَة الفروق وَالدّلَالَة عَلَيْهَا الْبَاب الثَّانِي فِي الْفرق بَين مَا كَانَ من هَذَا النَّوْع كلَاما الْبَاب الثَّالِث فِي الْفرق بَين الدَّلِيل وَالدّلَالَة وَالِاسْتِدْلَال وَالنَّظَر والتامل الْبَاب الرَّابِع فِي الفروق بَين أقسامت الْعُلُوم وَمَا يجْرِي مَعَ ذَلِك من الفروق بَين الادراك والوجدان وَفِي الْفرق بَين مَا يُخَالف الْعُلُوم ويضادها الْبَاب الْخَامِس فِي الْفرق بَين الْحَيَاة وَمَا يقرب مِنْهَا فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَمَا يُخَالِفهَا ويضادها وَالْفرق بَين الْقُدْرَة وَمَا يُخَالِفهَا ويناقضها وَالْفرق بَين الصِّحَّة والسلامة وَمَا يجْرِي مَعَ ذَلِك الْبَاب السَّادِس فِي الْفرق بَين الْقَدِيم والعتيق وَالْبَاقِي والدائم وَمَا يجْرِي مَعَ ذَلِك البابع السَّابِع فِي الْفرق بَين أَقسَام الارادات وأضدادها وَالْفرق بَين أَقسَام الْأَفْعَال الْبَاب الثَّامِن فِي الْفرق بَين الْفَرد وَالْوَاحد والحوانية وَمَا بسبيل ذَلِك وَمَا يخالغه من الْفرق بَين الْكل وَالْجمع وَمَا هُوَ من قبيل الْجمع من التَّأْلِيف والتصنيف والتنظيم والتنضيد والقرق بَين الممارسة والمجاورة وَمَا يُخَالف ذَلِك من الفروق بَين الْفَصْل وَالْفرق الْبَاب التَّاسِع فِي الْفرق بَين الشّبَه والشبه والعديل والنظير وَالْفرق بَين مَا يُخَالف ذَلِك من المتناقض والمتضاد وَمَا يجْرِي مَعَه الْبَاب الْعَاشِر فِي الْفرق بَين الْجِسْم والجزم والشخص والشبح وَمَا يجْرِي مَعَ ذَلِك الْبَاب الْحَادِي عشر فِي الْفرق بَين الْجِنْس وَالنَّوْع وَالضَّرْب والصنف وَالْأَصْل والاس وَمَا بسبيل ذَلِك الْبَاب الثَّانِي عشر فِي الْفرق بَين الْقسم والحظ والرزق والنصيب وَبَين السخاء والجود وَبَين أَقسَام العطيات وَبَين الْغنى وَالْجدّة وَمَا يُخَالف الْغنى من الْفقر والاملاق وَمَا بسبيله وَمَا يُخَالف الْحَظ من الحرمان والحرف الْبَاب الثَّالِث عشر فِي الْفرق بَين الْعِزّ والرف والرياسة والسؤدد وَبَين الْملك وَالسُّلْطَان والدولة والتمكين وَبَين النَّصْر والاعانة وَبَين الْكَبِير والعظيم وَالْكبر والكبرياء وَبَين الحكم وَالْقَضَاء وَالْقدر وَالتَّقْدِير وَمَا يجْرِي مَعَ ذَلِك الْبَاب الرَّابِع عشر فِي الْفرق بَين النِّعْمَة وَالرَّحْمَة والاحسان والانعام وَبَين الْحلم والامهال وَالصَّبْر وَالِاحْتِمَال وَالْوَقار والسؤدد وَمَا بسبيل ذَلِك الْبَاب الْخَامِس عشر فِي الْفرق بَين الْحِفْظ وَالرِّعَايَة والحراسة والحماية وَالْفرق بَين الرَّقِيب والمهيمن وَبَين الْوَكِيل والضمين وَمَا يجْرِي مَعَ ذَلِك الْبَاب السَّادِس عشر فِي الْفرق بَين الْهِدَايَة والرشدت وَالصَّلَاح والسداد وَمَا يُخَالف ذَلِك من الغي وَالْفساد الْبَاب السَّابِع عشر فِي الْفرق بَين التَّكْلِيف والاختبار والابتلاء والفتنة وَبَين اللطف والتوفيق واللطف واللطف الْبَاب الثَّامِن عشر فِي الْفرق بَين الدّين وَالْملَّة وَالطَّاعَة وَالْعِبَادَة وَالْفَرْض وَالْوُجُوب والمباح والحلال وَمَا يُخَالف ذَلِك من أَقسَام الْمعاصِي وَالْفرق بَين التَّوْبَة والاعتذار وَمَا يجْرِي مَعَ ذَلِك الْبَاب التَّاسِع عشر فِي الْفرق بَين االثواب والعوض وَبَين الْعِوَض وَالْبدل وَبَين الْقيمَة وَالثمن وَالْفرق بَين مَا يُخَالف الثَّوَاب من الْعقَاب وَالْعَذَاب والألم والوجع وَالْخَوْف والخشية والوجل وَالْحيَاء والخجل وَمَا يُخَالف ذَلِك من الرَّجَاء والطمع واليأس والقنوط الْبَاب الْعشْرُونَ فِي الْفرق بَين الْكبر والتيه والجبرية وَمَا يُخَالف ذَلِك الخضوع والخشوع وَمَا بسبيلها الْبَاب الْحَادِي وَالْعشْرُونَ فِي الْفرق بَين الْعَبَث واللعب والهزل والمزاح والاستهزاء والسخرية وَمَا بسبيل ذَلِك الْبَاب الثَّانِي وَالْعشْرُونَ فِي الْفرق بَين الخديعة وَالْحِيلَة وَالْمَكْر والكيد وَمَا يقرب من ذَلِك الْبَاب الثَّالِث وَالْعشْرُونَ فِي الْفرق بَين الْوَضَاءَة وَالْحسن والقسامة والبهجة وَبَين السرُور والفرح وَمَا بسبيل ذَلِك الْبَاب الرَّابِع وَالْعشْرُونَ فِي الْفرق بَين الزَّمَان والدهر والأمد والمدة وَمَا يجْرِي مَعَ ذَلِك الْبَاب الْخَامِس وَالْعشْرُونَ فِي الْفرق بَين ضروب الْقرَابَات وَبَين المصاحبة والمقاربة وَمَا يقرب من ذَلِك الْبَاب السَّادِس وَالْعشْرُونَ فِي الْفرق بَين الاظهار والجهر وَمَا بسبيل ذَلِك وَمَا يُخَالِفهُ من الفروق بَين الكتمان والاخفاء والستر والحجاب وَمَا يقرب ذَلِك الْبَاب السَّابِع وَالْعشْرُونَ فِي الْفرق بَين الْبَعْث والارسال والإنفاذ وَبَين النَّبِي وَالرَّسُول الْبَاب الثَّامِن وَالْعشْرُونَ فِي الْفرق بَين الْكتب والنسخت وَبَين المنشور وَالْكتاب وَبَين الْكتاب والدفاتر والصحيفة الْبَاب التَّاسِع وَالْعشْرُونَ فِي الْفرق بَين نِهَايَة الشَّيْء وَآخره وغايته وَبَين الْجَانِب ولكنف وَمَا يجْرِي مَعَ ذَلِك الْبَاب الثَّلَاثُونَ فِي الْفرق بَين أَشْيَاء مُخْتَلفَة وَالرَّغْبَة إِلَى الله فِي التَّوْفِيق للصَّوَاب فِي مَا أضمنه هَذِه الْأَبْوَاب ثمَّ فِي جَمِيع مَا أتصرف فِيهِ من القَوْل وَالْفِعْل إِن شَاءَ الله تَعَالَى

صفحه نامشخص

الْبَاب الأول فِي الابانة عَن كَون اخْتِلَاف الْعبارَات والاسماء مُوجبا لاخْتِلَاف الْمعَانِي فِي كل لُغَة وَالْقَوْل فِي الدّلَالَة على الفروق بَينهَا قَالَ الشَّيْخ أَبُو هِلَال الْحسن بن عبد الله بن سهل رَحمَه الله تَعَالَى الشَّاهِد على أَن اخْتِلَاف الْعبارَات والاسماء يُوجب اخْتِلَاف الْمعَانِي أَن الِاسْم كلمة تدل على معنى دلَالَة الْإِشَارَة وَإِذا أُشير إِلَى الشَّيْء مرّة وَاحِدَة فَعرف فالإشارة إِلَيْهِ ثَانِيَة وثالثة غير مفيدة وواضح اللُّغَة حَكِيم لَا يَأْتِي فِيهَا بِمَا لَا يُفِيد فَإِن أُشير مِنْهُ فِي الثَّانِي وَالثَّالِث إِلَى خلاف مَا أُشير إِلَيْهِ فِي الأول كَانَ ذَلِك صَوَابا فَهَذَا يدل على أَن كل اسْمَيْنِ يجريان على معنى من الْمعَانِي وَعين من الْأَعْيَان فِي لُغَة وَاحِدَة فَإِن كل اسْمَيْنِ يجريان على معنى من الْمعَانِي وَعين من الْأَعْيَان فِي لُغَة وَاحِدَة فَإِن كل وَاحِد مهما يَقْتَضِي خلاف مَا يَقْتَضِيهِ الآخر وَإِلَّا لَكَانَ الثَّانِي فضلا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَإِلَى هَذَا ذهب الْمُحَقِّقُونَ من الْعلمَاء واليه أَشَارَ الْمبرد فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى (لكل جعلنَا مِنْكُم شرعة ومنهاجا) قَالَ فعطف شَرعه على منهاج لِأَن الشرعة لأوّل الشَّيْء والمنهاج لمعظمة ومتسعه واستشهدت على ذَلِك بقَوْلهمْ شرع فلَان فِي كَذَا إِذا ابتدأه وأنهج البلى فِي الثَّوْب إِذا اتَّسع فِيهِ قَالَ وَعطف الشَّيْء على الشَّيْء وان كَانَا يرجعان إِلَى شَيْء وَاحِد كَانَ فِي أَحدهمَا خلاف للْآخر فَأَما إِذا اريد بالثناني مَا أُرِيد بِالْأولِ فعطف أَحدهمَا على الآخر خطأ لَا تَقول جَاءَنِي زيد وَأَبُو عبد الله إِذا كَانَ زيد هُوَ أَبُو عبد الله وَلَكِن مثل قَوْله من الْبَسِيط (أَمرتك الْخَيْر فافعل مَا أمرت بِهِ ... فقد تركتك ذَا مَال وَذَا نشب) وذلكت أَن المَال إِذا لم يُقيد فَإِنَّمَا يعْنى بِهِ الصَّامِت كَذَا قَالَ والنشب

1 / 22

مَا ينشب وَيثبت من العقارات وكلك قَول الحطيئة من الطَّوِيل (أَلا حبذا هِنْد وَأَرْض بهَا هِنْد ... وَهِنْد أَتَى من دونهَا الناي والبعد) وَذَلِكَ أَن النأي يكون لما ذهب عَنْك إِلَى حَيْثُ بلغ وَأدنى ذَلِك يُقَال لَهُ نأي والبعد تَحْقِيق التروح والذهاب إِلَى الْموضع السحيق وَالتَّقْدِير أَتَى من دونهَا النأي الَّذِي يكون أول الْبعد والبعد الَّذِي يكَاد يبلغ الْغَايَة قَالَ أَبُو هِلَال ﵀ وَالَّذِي قَالَه هَهُنَا فِي الْعَطف يدل على أَن جَمِيع مَا جَاءَ فِي الْقُرْآن وَعَن الْعَرَب من لفظين جاريين مجْرى مَا ذكرنَا من الْعقل واللب والمعرفة وَالْعلم وَالْكَسْب وَالْجرْح وَالْعَمَل وَالْفِعْل مَعْطُوفًا أَحدهمَا على أخلا فَإِنَّمَا جَازَ هَذَا فيهمَا لما بَينهمَا من الْفرق فِي الْمَعْنى وَلَوْلَا ذَلِك لم يجز عطف زيد على أبي عبد الله إِذْ كَانَ هوهو قَالَ أَبُو هِلَال ﵀ وَمَعْلُوم أَن من حق الْمَعْطُوف أَن يتَنَاوَل غير الْمَعْطُوف عَلَيْهِ ليَصِح عطف مَا عطف بِهِ لعيه إِلَّا إِ ١ اعْلَم أَن الثَّانِي ذكر تفخيما وَأَفْرج عَمَّا قبله تَعْظِيمًا نَحْو عطف جِبْرِيل وَمِيكَائِيل على الْمَلَائِكَة فِي قَوْله تَعَالَى (من كَانَ عدوا الله وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَجِبْرِيل وميكال) وَقَالَ بعض النَّحْوِيين لَا يجوز أَن يدل اللَّفْظ الْوَاحِد على مَعْنيين مُخْتَلفين حَتَّى تُضَاف عَلامَة لكل وَاحِد مِنْهُمَا فَإِن لم يكن فِيهِ لذَلِك عَلامَة أشكل وألبس على الْمُخَاطب وَلَيْسَ من الْحِكْمَة وضع الْأَدِلَّة المشكلة إِلَّا أَن يدْفع ذلكت ضَرُورَة أوعلة وَلَا يَجِيء فِي الْكَلَام غير ذَلِك إِلَّا مَا شَذَّ وَقل وكما لَا يجوز أَن يدل اللَّفْظ الْوَاحِد عَليّ مَعْنيين فَكَذَلِك لَا يجوز أَن يكون اللفظان يدلان على معنى وَاحِد لِأَن فِي ذَلِك تَكْثِير للغة بِمَا لَا فَائِدَة فِيهِ قَالَ وَلَا يجوز أَن يكون فعل وأفعل بِمَعْنى وَاحِد كَمَا لَا يكونَانِ على

1 / 23

بِنَاء وَاحِد إِلَّا أَن يجي ذَلِك فِي لغتين فَأَما فِي لُغَة وَاحِدَة فمحال أَن يخْتَلف اللفظان وَالْمعْنَى وَاحِد كَمَا ظن كثير من النَّحْوِيين واللغويين وَإِنَّمَا سمعُوا الْعَرَب تَتَكَلَّم بذلك على طباعها وَمَا فِي نفوسها من مَعَانِيهَا الْمُخْتَلفَة وعَلى مَا جرت بِهِ عاداتها وتعارفها وَلم يعرف السامعون تِلْكَ الْعِلَل والفروق فطنوا مَا ظنوه من ذَلِك وتأولوا على الْعَرَب مَا لَا يجوز فِي الحكم وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ من أهل الْعَرَبيَّة لَا يجوز أَن تخْتَلف الحركتان فِي الكمتين ومعناهما وَاحِد قَالُوا فَإِذا كَانَ الرجل عدَّة للشي قيل فِيهِ مفعل مثل مرحم ومحرب وَإِذا كَانَ قَوِيا على الْفِعْل قيل فعول مثل صبور وشكور وَإِذا كَانَ ذَلِك عَادَة لَهُ قيل مفعال مثل معوان ومعطاء ومهداء وَمن لَا يتَحَقَّق الْمعَانِي يظنّ أَن ذَلِك كُله يُفِيد الْمُبَالغَة فَقَط وَلَيْسَ الْأَمر كذلكت بل هِيَ مَعَ إفادتها الْمُبَالغَة تفِيد الْمعَانِي الَّتِي ذَكرنَاهَا وَكَذَلِكَ قَوْلنَا فعلت يُفِيد خلاف مَا يُفِيد أفعلت فِي جَمِيع الْكَلَام إِلَّا مَا كَانَ من ذَلِك لغتين فقولك سقيت الرجل يُفِيد أَنَّك أَعْطيته مَا يشربه أَو صببت ذَلِك فِي حلقه وأسقيته يُفِيد أَنَّك جعلت لَهُ سقيا أَو حظا من المَاء وقولك شَرقَتْ الشَّمْس يُفِيد خلاف غربت وأشرقت يُفِيد أَنَّهَا صَارَت ذَات اشراق ورعدت السَّمَاء أَتَت برعد وأرعدت صَارَت ذَات رعد فَأَما قَول بعض أهل اللُّغَة إِن الشّعْر وَالشعر وَالنّهر وَالنّهر بِمَعْنى وَاحِد فَإِن ذَلِك لُغَتَانِ وَإِذا كَانَ اخْتِلَاف الحركات يُوجب اخْتِلَاف الْمعَانِي فاختلاف الْمعَانِي أَنْفسهَا أولى أَن يكون كَذَلِك وَلِهَذَا الْمَعْنى أَيْضا قَالَ الْمُحَقِّقُونَ من أهل الْعَرَبيَّة إِن حُرُوف الْجَرّ لَا تتعاقب حَتَّى قَالَ ابْن درسْتوَيْه فِي جَوَاز تعاقبها إبِْطَال حَقِيقَة اللُّغَة وإفساد الْحِكْمَة فِيهَا وَالْقَوْل بِخِلَاف مَا يُوجِبهُ الْعقل وَالْقِيَاس قَالَ أَبُو هِلَال ﵀ وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذا تعاقبت خرجت عَن

1 / 24