أما دار الآثار العربية فليست غنية جدا في السجاد الإيراني النفيس؛ لأنها لم تبدأ في العناية بجمعه إلا في السنوات الأخير. ولعل أبدع ما فيها سجادة من الحرير الموشى بالذهب والفضة، ترجع إلى نهاية القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، وتتكون زخارفها من السيقان والفروع النباتية الدقيقة المتصلة بخطوط متعرجة على شكل السحب الصينية (تشي)، ويتوسط هذه السجادة جامة كبيرة ذات فصوص عديدة، أما الإطار فيتكون من خمس مناطق غير متساوية في العرض، وأعرضها المنطقة الثانية من الخارج وبها بحور فيها كتابات.
19
وأكبر الظن أن هذه التحفة من صناعة شمال غربي إيران، وقد أهداها إلى الدار حضرة صاحب السمو الأمير يوسف كمال.
كما أن في دار الآثار جزءا من سجادة نفيسة مصنوعة من الصوف، وقوام زخارفها زهور كبيرة محورة ومنسقة وبعيدة عن الطبيعة، وذات ألوان متعددة على أرضية ذات لون أزرق قاتم، وهذه القطعة من أجمل التحف المعروفة من السجاجيد «ذات الزهريات».
20
وفي الدار - عدا ذلك - سجاجيد إيرانية أخرى ولكنها من صناعة القرنين الثاني عشر والثالث عشر بعد الهجرة (الثامن عشر والتاسع عشر بعد الميلاد).
الخزف
كانت صناعة الخزف من أهم الميادين التي حاز فيها الإيرانيون المكانة الأولى بين الأمم الإسلامية، وقد ساعدتهم على ذلك العجينة التي امتازت بها بلادهم، والتي تصلح بنوع خاص لصنع الأواني الخزفية؛ فيسهل تشكيلها وحفر الزخارف فيها أو طبعها، كما تمتاز برقتها وقلة وزنها.
وليس من شك في أن هذه الصناعة بلغت على يد السلاجقة والمغول بين القرنين السادس والثامن بعد الهجرة (الثاني عشر والرابع عشر بعد الميلاد) غاية الإتقان في الهيئة والزخرفة، اللتين تدلان على أوفر قسط من الخيال السعيد والذوق السليم. وإن صح لدى بعض الخبراء أن الأواني الإغريقية في عصرها الذهبي كانت في الهيئة والأناقة آية دونها كل الأواني الأخرى، وإن صح لدى آخرين أن الخزف الذي صنع في الشرق الأقصى، ليس له نظير في الظرف والرونق - فإن فريقا ثالثا من الخبراء والهواة يرون في تلك الأواني الإغريقية والصينية جمودا، ودقة آلية في الشكل، وثقلا لا يرونه في الخزف الإيراني، فيحكمون له بالتفوق والسمو على سائر أنواع الخزف.
وعلى كل حال فقد امتازت التحف الخزفية الإيرانية في العصر الإسلامي بجمال الشكل وتناسق النسب وبريق الطلاء وإبداع الزخارف وتنوعها،
صفحه نامشخص