ذكر رؤيا ربيعة بن نصر اللخمي وجواب سطيح وشق مما ألهمهما الله
من نعت النبي صلى الله عليه وسلم
[70] أخبرنا أبو محمد عبد الله بن حامد بن محمد النيسابوري ، حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن ، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي ، حدثنا خليفة بن خياط ، حدثنا بكر بن سليمان ، حدثنا محمد بن إسحاق بن يسار ، : " أن ربيعة بن نصر اللخمي ، ملك من اليمن رأى رؤيا هالته ، وفظع بها ، فلم يدع في مملكته ساحرا ، ولا كاهنا ، ولا عايفا ، ولا منجما إلا جمعهم إليه ، ثم قال لهم : إني قد رأيت رؤيا هالتني ، وفظعت بها ، فأخبروني بتأويلها ، قالوا : اقصصها علينا بتأويلها ، قال : إني إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها ؛ لأنه لا يعرف تأويلها إلا من يعرفها قبل أن أخبره بها ، فقال له رجل : ليبعث الملك إلى سطيح وشق ، فإنه ليس أحد أعلم منهما فيما أعلم الناس بما سأل عنه ، واسم سطيح : ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن بن غسان ، وكان ينسب إلى ذئب ، وشق بن صعب بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير بن بشير . فبعث إليهما ، فقدم عليه سطيح قبل شق ، فقال له : يا سطيح ، قد رأيت رؤيا هالتني ، وفظعت بها ، فأخبرني بها ، قال : نعم ، رأيت حممة ، خرجت في ظلمة ، فوقعت في أرض تهمة ، فأكلت منها كل ذات جمجمة . قال له الملك : ما أخطأت منها شيئا يا سطيح ، فما عندك في تأويلها ؟ فقال : أحلف بما بين الحرتين من حنش ، ليطأن أرضكم الحبش ، فليملكن ما بين أبين إلى جرش . قال الملك : وأبيك يا سطيح ، إن هذا لنا لغائظ موجع ، فمتى هو كائن ، أفي زماني أم بعده ؟ قال : بل بعده بحين أكثر من ستين إلى سبعين ، يمضين من السنين ، قال : أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع ؟ قال : لا ، بل ينقطع لبضع وسبعين ، ثم يقتلون بها أجمعين ، ويخرجون منها هاربين ، قال الملك : ومن الذي يلي ذلك من قتلهم وإخراجهم ؟ قال : يليهم إرم بن ذي يزن ، يخرج عليهم من عدن ، فلا يترك منهم أحدا باليمن ، قال : فيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع ؟ قال : بل ينقطع ، قال : ومن يقطعه ؟ قال : نبي زكي ، يأتيه الوحي من قبل العلي ، قال : وممن هذا النبي ؟ قال : رجل من غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر قال : فهل للدهر يا سطيح من آخر ؟ قال : نعم ، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون ، يسعد المحسنون ، ويشقى فيه المسيئون ، قال : أحق ما تخبرني يا سطيح ؟ قال : نعم ، والشفق والغسق ، والفلق إذا اتسق ، إن ما أنبأتك به لحق ، فلما فرغ منه قدم عليه شق ، فقال : يا شق ، إني قد رأيت رؤيا هالتني ، وفظعت بها ، فأخبرني بتأويلها . قال : نعم ، رأيت حممة ، خرجت من ظلمة ، فوقعت بين روضة وأكمة ، فأكلت منها كل ذات نسمة ، فلما قال ذلك ، عرف أنهما قد اتفقا إلا أن سطيحا قال : وقعت بأرض تهمة ، فأكلت منها كل ذات جمجمة ، فقال له : ما أخطأت منها يا شق شيئا ، فما عندك في تأويلها ؟ قال : أحلف بما بين الحرتين من إنسان ، لينزلن أرضكم السودان ، فيغلبن كل ذات طفلة البنان ، وليملكن ما بين أبين إلى نجران ، قال الملك : وأبيك يا شق ، إن هذا لنا لغائظ موجع ، فمتى هو كائن ؟ أفي زماني أم بعده ؟ قال : بل بعده بزمان ، ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شأن ، يذيقهم أشد الهوان قال : ومن هذا العظيم الشأن ؟ قال : غلام ليس بدني ، ولا مزن ، يخرج عليهم من بيت ذي يزن ، قال : وهل يدوم سلطانه أو ينقطع ؟ قال : بل ينقطع برسول مرسل ، يأتي بالحق والعدل بين أهل الدين والفضل ، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل ، قال : وما يوم الفصل ؟ قال : يوم يجزى فيه الولاة ، ويدعى فيه من السماء بدعوات ، فتسمع الأحياء والأموات ، وتجمع فيه الناس للميقات ، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات ، قال : حقا ما تقول يا شق ؟ قال : أي ورب السماء والأرض ، وما بينهما من رفع وخفض ، إن ما أنبأتك لحق ما فيه أمض ، فوقع في نفسه إن الذي قالا لكائن " *
صفحه ۱۵۰