حديث سواد بن قارب
[61] أخبرنا أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف الضرير ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن النعمان التيمي ، حدثنا بشر بن حجر السامي ، حدثنا علي بن منصور الأبناوي ، عن عثمان بن عبد الرحمن ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : " بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، جالس في مسجد المدينة ، ومعه ناس ، إذ مر رجل في ناحية المسجد ، فقال له رجل من القوم : يا أمير المؤمنين ، أتعرف هذا ؟ قال : لا ، فمن هو ؟ قال : هذا رجل من أهل اليمن ، له فيهم شرف وموضع ، يقال له : سواد بن قارب ، وهو الذي أتاه رئيه بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر ، رضي الله عنه : علي به ، فدعي الرجل ، فقال له عمر : أنت سواد بن قارب ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : أنت الذي أتاك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم قال : فأنت على ما كنت عليه من كهانتك ؟ قال : فغضب الرجل غضبا شديدا ، وقال : يا أمير المؤمنين ، ما استقبلني أحد بهذا منذ أسلمت ، فقال عمر : يا سبحان الله ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك ، أخبرني بإتيانك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نعم يا أمير المؤمنين ، بينما أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان ، إذ أتاني رئيي ، فضربني برجله ، وقال : قم يا سواد بن قارب ، فافهم واعقل إن كنت تعقل ، إنه قد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من لؤي بن غالب ، يدعو إلى الله عز وجل ، وإلى عبادته ، ثم أنشأ الجني يقول
عجبت للجن وتجساسها وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما خير الجن كأنجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى راسها قال : فلم أرفع بقوله رأسا ، فقلت : دعني أنام ، فإني أمسيت ناعسا ، فلما أن كان الليلة الثانية أتاني ، فضربني برجله ، وقال : قم يا سواد بن قارب ، فافهم واعقل ، إن كنت تعقل ، إنه قد بعث رسول ، من لؤي بن غالب ، يدعو إلى الله ، وإلى عبادته ، ثم أنشأ ، يقول :
عجبت للجن وأخبارها وشدها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمن الجن ككفارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم بين روابيها وأحجارها قال : فلم أرفع بقوله رأسا ، فقلت دعني ، فإني أمسيت ناعسا ، فلما كانت الليلة الثالثة ، أتاني ، فضربني برجله ، وقال : قم يا سواد بن قارب ، فافهم واعقل إن كنت تعقل ، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب ، يدعو إلى الله ، وإلى عبادته ، ثم أنشأ الجني يقول :
عجبت للجن وتطلابها وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما صادق الجن ككذابها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ليس قداماها كأذنابها قال : فوقع في قلبي حب الإسلام ، ورغبت فيه ، فلما أصبحت شددت على راحلتي رحلها ، وانطلقت متوجها إلى مكة ، فلما كنت ببعض الطريق ، أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد هاجر إلى المدينة ، فقدمت المدينة ، فسألت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقيل : هو في المسجد ، فانتهيت إلى المسجد ، فعقلت ناقتي ، ودخلت المسجد ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والناس حوله ، فقلت : اسمع مقالتي يا رسول الله ، فقال : ادنه ، فلم يزل يدنيني ، حتى صرت بين يديه ، فقال : " هات فأخبرني بإتيانك رئيك " ، فقلت :
أتاني نجيي بين هدء ورقدة ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة أتاك رسول من لؤي بن غالب
فشمرت من ذيل الإزار ووسطت بي الذعلب الوجناء بين السباسب
فأشهد أن الله لا رب غيره وأنك مأمون على كل غائب
وأنك أدنى المرسلين وسيلة إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك يا خير من مشى وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة يكون بمغن عن سواد بن قارب قال : ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمقالتي فرحا شديدا ، حتى رئي ذلك في وجوههم قال : فوثب إليه عمر ، رضي الله عنه ، فالتزمه ، وقال : لقد كنت أحب أن أسمع هذا الحديث منك ، فأخبرني عن رئيك ، هل يأتيك اليوم ؟ فقال : أما منذ قرأت كتاب الله عز وجل فلا ، ونعم العوض كتاب الله عز وجل من الجن " *
صفحه ۱۲۳