129

Friday Sermon and Its Role in Educating the Nation

خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٢هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

ومن هنا فإنه ليس كل ما يعلم يصلح أن يقال في أي حال، فلكل مقام مقال، وما يخاطب به فئة العوام غير ما يخاطب به المثقفون، وما يخاطب به الشباب غير ما يخاطب به الكهول، وما يتكلم به في مناسبة الجهاد، غير ما يتكلم به في مناسبة العرس والزواج، فعلى الخطيب أن يكون ذا نظرة ثاقبة للأمور، يحسن تقدير الظروف، وقياس المؤثرات والطبائع.
وفي الصحيح عن معاذ أن النبي ﷺ قال له: «تدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ . .» . الحديث إلى أن قال: «قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا» . ونحوه قد وقع لعمر ﵁ مع أبي هريرة ﵁.
إذا فقد أخبر الرسول ﷺ بهذا الحديث بعض خاصته، ونهى معاذا أن يخبر به عامة الأصحاب لئلا يتكلوا فيتركوا العمل، ولم يخش هذا على معاذ، وأبي هريرة.
فلا بد من مراعاة نوعية الخطاب، ونوعية المخاطب، أو نوعية العلم، ونوعية المتلقي لهذا العلم.
قال الشاطبي: " ومنه أن لا يذكر للمبتدي من العلم ما هو حظ المنتهي، بل يربي بصغار العلم قبل كباره، وقد فرض العلماء مسائل مما لا يجوز الفتيا بها إن كانت صحيحة في نظر الفقه ".
قال: " ومن ذلك سؤال العوام عن علل مسائل الفقه، وحكم التشريعات، إن كان لها علل صحيحة، وحكم مستقيمة، ولذلك أنكرت عائشة ﵂ على من قالت: لم تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة؟ وقالت لها: أحرورية أنت؟ وقد ضرب عمر بن الخطاب ﵁ صبيغا وشرد به لما كان كثير السؤال عن أشياء من علوم القرآن لا يتعلق بها عمل، وربما أوقع خبالا وفتنة، وإن كان صحيحا. . . وقد أخبر مالك عن نفسه أن عنده أحاديث وعلما ما تكلم فيها، ولا حدث بها ".

1 / 147