مر أسبوع، وأردت أن أجعله يشعر بالتحسن كي أخفف عن عقله المضطرب، لكنني أدركت أنه ليس بمقدوري هذا. كانت صحة فرانكنشتاين واهنة للغاية. مكثنا بالداخل وقضينا الأيام نتسامر.
قال لي في صبيحة أحد الأيام: «عندما كنت صغيرا كنت أؤمن بأنني خلقت لأصير عظيما. وكان لهذه المشاعر أهمية كبيرة في حياتي حتى إنني لم أفكر في أي شيء آخر، فتخليت عن حياتي برمتها كي أتفرغ للعلم من أجل هذا الهدف الوحيد وهو أن أصنع حياة من العدم.»
وتوقف عن الكلام ثم مسح الدموع التي ملأت عينيه وقال: «لكنني فقدت كل شيء.»
ساورني القلق من أن تتدهور صحة فرانكنشتاين وأفقده، فبعدما رجوت كثيرا أن أجد صديقا صالحا لم أشأ أن أخسره. لقد قضينا أوقاتا كثيرة معا، ولا أستطيع أن أتخيل حياتي بدونه، لكنني أدركت أن لديه مخاوف أعظم.
قال فرانكنشتاين: «سأتعقبه حتى النهاية، فهذا هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا الأمر.»
كنا مهددين في كل لحظة وكل يوم بأن تسحق جبال الجليد سفينتنا، وكان أفراد طاقمي مرتعدين، وحتى أنا كنت خائفا من ألا نعود إلى إنجلترا، وشعرت أنني خذلتهم؛ فلقد ائتمنني أولئك الرجال على حياتهم، وإن لم نستطع العودة فستقع المسئولية كاملة على عاتقي؛ فرغبتي الأنانية في رؤية أرض لم يرها إنسان ستكون السبب في موت أنفس كثيرة.
وفيما ساورتني المخاوف هدأ فرانكنشتاين من روعي، وحاول أن يخبرني بأن الجليد سينكسر ولسوف نرى سماء إنجلترا الزرقاء مرة أخرى. كان من الصعب علي أن أصدقه ولا سيما كلما نظرت إلى وجوه الرجال المضطربة يوما بعد يوم.
وأخيرا، جاء بضعة بحارة لرؤيتي في غرفتي، وأخبروني أن الطاقم لم يعد يرغب في المضي قدما في هذه الرحلة حتى لو انفتح الجليد، فهم يرغبون في العودة بالسفينة والإبحار نحو الوطن ، لأنهم يرغبون في رؤية أسرهم. وهل بمقدوري أن ألومهم على هذا؟
أخبرتهم بأننا سندير السفينة بالفعل فور انفتاح الجليد وتحرير السفينة.
وفي الصباح التالي مباشرة سمعت صيحات التهليل في كل الأرجاء عقب سماع الأصوات العالية الصادرة عن تشقق الجليد وانكساره. وعندما عرجت على فرانكنشتاين لأتفقده كعادتي كل يوم، سألني عن سبب هذه الجلبة المفاجئة؛ إذ تناهت إلى مسامعه صيحات التهليل من سطح السفينة، فأخبرته أن الجليد قد تحرك وأننا سنبحر إلى الوطن حالما نستطيع أن نحرر السفينة.
صفحه نامشخص