فتنه کبری: علی و بنوه
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
ژانرها
ومضى الأمر على هذا أياما عشرة أو أقل أو أكثر من آخر ذي الحجة، ثم أظل الناس شهر المحرم، وهو شهر حرام، فتوادعوا شهرهم كله وآمن بعضهم بعضا، وسعت بينهم السفراء سعيا متصلا، ولكنهم أنفقوا شهرهم كله دون أن يصلوا إلى صلح أو شيء يشبه الصلح، واستبان لأولئك وهؤلاء في غير شك ولا لبس أن ليس بد من أن يصطدم الجمعان.
الفصل العشرون
ومع ذلك فقد مضى القوم على حربهم بعد شهر المحرم كما كانوا قبله، تخرج الكتيبة للكتيبة والقبيلة للقبيلة وربما خرج الرجل للرجل، وهم في أثناء هذا كله لا يختصمون بالسيف وحده وإنما يختصمون بالألسنة أيضا، وربما كانت بين رؤسائهم الكتب، كالذي روي أن عمرو بن العاص كتب عن أمر معاوية إلى ابن عباس يستعينه على أن يثوب الناس إلى العافية ويكفوا عن الحرب ويتقوا غوائلها، ورد ابن عباس عليه ردا عنيفا موئسا.
ثم كان القوم إذا كفوا عن القتال آخر النهار سمروا، كما تعودت العرب أن تسمر، فتناشدوا الشعر وذكروا المآثر القديمة والحديثة وذكروا بلاء من حسن بلاؤه منهم أو من عدوهم في أيامهم تلك؛ حتى مضى صدر في شهر صفر وهم على هذه الحال لا يبلغ أحد الفريقين من خصمه أربا، وكأن القوم سئموا هذه الحرب المتقطعة الفاترة وتعجلوا الكارثة، وكأن عليا سئم هذه المطاولة التي لا تغني عنه ولا عن أحد شيئا، وإنما تزيد الفتنة امتدادا والشر انتشارا، وتضيف أحقادا إلى أحقاد وحفيظة إلى حفيظة، وتضيع أيامه وأيام أصحابه في قتال لا يقدم ولا يؤخر، وترجئ اجتماع الكلمة والتئام الشمل إلى أجل غير مسمى ولا معروف؛ فعبأ أصحابه للهجوم العام، ورأى معاوية منه ذلك ففعل مثل ما فعل، وتزاحف الجيشان العظيمان فالتقوا صباح نهارهم كله وشطرا من ليلهم دون أن يبلغ أحد من صاحبه ما كان يريد، ثم أصبحوا فاقتتلوا نهارهم كله أشد قتال وأعظمه نكرا، وانكشفت ميمنة علي انكشافا بلغ الهزيمة أو كاد يبلغها، وتضعضع ما كان يليها من قلب الجيش، وانحاز علي إلى ميسرته من ربيعة، فاستقتلت ربيعة من دونه وقال قائلها: يا معشر ربيعة، لا عذر لكم بعد اليوم عند العرب إن أصيب أمير المؤمنين وهو فيكم. فتحالفت ربيعة على الموت، ثم ثابت ميمنة علي بفضل الأشتر ومن ثبت معه من أصحابه، فالتأم جيش علي كعهده أول النهار، وأقبل الليل فلم يكف بعض القوم عن بعض وإنما مضوا في حربهم تلك المجنونة حتى استقبلوا صباح اليوم الثالث، وحتى ظهر الضعف في جيش معاوية.
وكاد أصحاب معاوية يبلغون فسطاطه، وهم معاوية نفسه أن يفر لولا أن ذكر قول ابن الإطنابة:
أبت لي همتي وأبى بلائي
وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإجشامي على المكروه نفسي
وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت
صفحه نامشخص