فتنه کبری: علی و بنوه
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
ژانرها
أريغوني إراغتكم فإني
وحذفة كالشجا تحت الوريد
على هذه السياسة سخطت الشيعة، وعارضت في كثير من الجلبة حتى قتل منها حجر وأصحابه، وعلى هذه السياسة سخط الخوارج، وعارضوا بسيوفهم وألسنتهم فقتلوا وقتلوا، وعلى هذه السياسة سخط الصالحون من أصحاب رسول الله والتابعون لهم بإحسان، ولكنهم كانوا ينكرون في أنفسهم، وربما جمجموا ببعض النكير، وكان عامة المسلمين الذين يرون هؤلاء الصحابة والتابعين ويسمعون منهم ينكرون مثلهم ويجمجمون، ومن يدري لعل معاوية نفسه كان ينكر كثيرا من أمره، حين يثوب إليه فضل من حلمه وعقله، فيذكر سيرة رسول الله وخلفائه ويوازن بينها وبين سيرته.
ويحدثنا المؤرخون بأن معاوية لم يتلق الموت مطمئنا إليه حين ألم به، وإنما كان يتوجع ويظهر الجزع ويكثر من ذكر حجر، ومن ذكر إسرافه في أموال المسلمين، ومع ذلك فقد استقبل المسلمون بعد معاوية ملوكا ودوا حين بلوا سيرتهم لو أن معاوية عاش لهم إلى آخر الدهر، وكان ابنه يزيد أول هؤلاء الملوك.
الفصل الرابع والخمسون
فقد كان معاوية رجلا نشأ نشأة قرشية جاهلية، فيها كثير من الشظف الذي ليس منه بد لقوم يسكنون واديا غير ذي زرع، وإن غلت لهم التجارة ربحا كثيرا، ثم أسلم ورأى النبي
صلى الله عليه وسلم
وكتب له، وتأثر بصحبته وبصحبة من خالط من خيار المسلمين وأبرارهم، وعمل لعمر فتأدب بكثير من أدبه، وكان لهذا كله أثره في سيرته حين استقامت له الجماعة إلى حد ما، حتى أحصيت عليه أغلاطه ومخالفاته عن السنة الرشيدة التي ألفها المسلمون.
فأما ابنه يزيد فقد نشأ نشأة تغاير هذه النشأة أشد المغايرة، ولد في الشام في قصر إمارة كثر فيه الترف وكثر فيه الرقيق، وورث عن أمه شيئا من بداوة كلب وغلظتها، وعن أبيه شيئا من ذكاء قريش ودهائها وسعة حيلتها وحبها للمال والتسلط، وتهالكها على اللذة حين تتاح لها الوسائل إليها، فشب فتى من فتيان قريش لم يعرف خشونة ولا شظفا، ولم يتكلف لحياته اكتسابا، ولم يعرف في أثنائها شقاء ولا عناء، ولم يبذل جهدا إلا في سبيل ما يرضيه ويلهيه.
فكانت سيرته حين ولي أمر المسلمين مناقضة لسيرة أبيه أشد المناقضة، ثم مناقضة بعد ذلك لسنة النبي وخلفائه الراشدين أشد المناقضة أيضا.
صفحه نامشخص