فتنه کبری: علی و بنوه
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
ژانرها
ولكنه على ذلك أقام في مصره يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويشيع الدعوة إلى الخير من حوله، وهلك زياد وولي البصرة ابنه عبيد الله بن زياد، فأسرف في تتبع الخوارج حتى أخافهم، يرصد لهم المراصد، ويلقيهم في السجن، ويمثل بمن قدر عليه منهم.
وكان أبو بلال محببا إلى الناس بصلاحه وتقاه وحسن سيرته، وقد سجن مرة فيمن سجن من الخوارج، فأحبه سجانه لما رأى من عبادته وحسن تلاوته للقرآن، فكان إذا جن الليل أطلقه وربما أطلقه النهار أيضا، فكان يلم بأهله ويعود إلى سجنه، وقد بلغه ذات يوم وهو مطلق أن عبيد الله بن زياد أزمع قتل الخوارج المسجونين، فلما أقبل الليل تنكر حتى عاد إلى سجنه، وآثر القتل على أن يخون السجان في نفسه ويعرضه لغضب السلطان.
وأخرجهم ابن زياد فقتل منهم فريقا وأطلق فريقا بشفاعة من شفع فيهم من الناس، وكان أبو بلال ممن نجا فاستأنف سيرته، ولكن غيظه من ظلم السلطان كان قد بلغ أقصاه، حتى إذا رأى ابن زياد قد أخذ امرأة خارجية فقطع يديها ورجليها وعرضها في السوق، لم يطق صبرا على مجاورة الظالمين، فخرج في عدد قليل من أصحابه لا يتجاوزون الثلاثين، ورسم لنفسه ولأصحابه برنامجا واضح الحدود، وهو أن يخرجوا منكرين للظلم داعين إلى العدل والإصلاح، لا يستعرضون الناس ولا يستبيحون أموالهم ولا يفسدون في الأرض ولا يبدءون أحدا بقتال، وإنما يدافعون عن أنفسهم إذا قوتلوا، ولحق بهم عشرة من أصحابهم فصاروا أربعين، ومضوا في طريقهم فلقيتهم أموال قد جاءت إلى ابن زياد من خراسان، فأخذ بلال من هذه الأموال نصيبه ونصيب أصحابه، كما كان يقسم عليهم في البصرة لو أقاموا، وأمن الرسل على أنفسهم وعلى ما يحملون، وخلى بينهم وبين الطريق إلى البصرة.
وعرف ابن زياد خروجهم فأرسل في إثرهم أسلم بن زرعة في ألفين من الجند فأتبعوهم حتى لقوهم بآسك، فدعوهم إلى العودة والبقاء على الطاعة، فأبوا أن يعودوا إلى طاعة فاسق ظالم يأخذ بالشبهة ويقتل بالظنة ويشق على الناس في أموالهم وحرماتهم، ثم أمسكوا عن جند ابن زياد لم يبادوهم بشر حتى بدءوهم بالقتال، هنالك شد أبو بلال وأصحابه على هؤلاء الجند شدة الشراة المستبسلين فهزموهم، ورجع أسلم بن زرعة في أصحابه إلى البصرة مستخزين، فلام ابن زياد أسلم في ذلك أشد اللوم، وعيره الناس بهذه الهزيمة، حتى تصايح به الصبيان في الطرقات يخوفونه أبا بلال، وقال قائل الخوارج في ذلك:
أألفا مؤمن فيما زعمتم
ويقتلكم بآسك أربعونا؟!
كذبتم ليس ذاك كما زعمتم
ولكن الخوارج مؤمنونا
هم الفئة القليلة قد علمتم
على الفئة الكثيرة ينصرونا
صفحه نامشخص