الفصل در مذاهب و آراء و مذاهب
الفصل في الملل والأهواء والنحل
ناشر
مكتبة الخانجي
محل انتشار
القاهرة
فِي أَمر الْحجر الَّذِي رأى الْملك فِي نَومه الَّذِي دق الصَّنَم الَّذِي كَانَ بعضه ذَهَبا وبعه فضَّة وَبَعضه نُحَاسا وَبَعضه حديدا وَبَعضه فخارا وخلطه كُله وطحنه وَجعله شَيْئا وَاحِدًا ثمَّ رَبًّا الْحجر حَتَّى مَلأ الأَرْض ففسره دانيال أَنه نَبِي يجمع الْأَجْنَاس ويبلغ ملك أمره ملْء الْآفَاق فَهَل كَانَ نَبِي قطّ غير مُحَمَّد ﷺ جمع الْأَجْنَاس كلهَا على اختلافها وَاخْتِلَاف لغاتها وأديانها وممالكها فجعلهم جِنْسا وَاحِدًا ولغة وَاحِدَة وَأمة وَاحِدَة ومملكة وَاحِدَة ودينًا وَاحِدًا فَإِن الْعَرَب وَالْفرس والنبط والأكراد وَالتّرْك والديلم والجبل والبربر والقبط وَمن أسلم من الرّوم والهند والسودان على كثرتهم كلهم ينطقون بلغَة وَاحِدَة وَبهَا يقرؤن الْقُرْآن وَقد صَار كل من ذكرنَا أمة وَاحِدَة وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين فَصحت النُّبُوَّة الْمَذْكُورَة بِلَا أشكال وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وكل مَا ذكرنَا فِي هَذَا الْبَاب أَنه يدْخل على النَّصَارَى الَّذين يَقُولُونَ بنبوة عِيسَى ﵇ فَقَط من الأريوسية والمقدونية والبولقانية سَوَاء سَوَاء مَعَ مَا فِي الْإِنْجِيل من دُعَاء الْمَسِيح ﵇ فِي قَوْله اللَّهُمَّ ابْعَثْ البارقليط ليعلم النَّاس أَن ابْن الْبشر إِنْسَان
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَهَذَا غَايَة الْبَيَان لمن عقل لِأَن الْمَسِيح ﵇ علم أَنه سيغلو قومه فِيهِ فَيَقُولُونَ أَنه الله وَأَنه ابْن الله فَدَعَا الله فِي أَن يبْعَث الَّذِي يبين للنَّاس أَنه لَيْسَ إِلَهًا وَلَا ابْن إِلَه وَإِنَّمَا هُوَ إِنْسَان من ولد امْرَأَة من الْبشر فَهَل أُتِي بعده نَبِي يبين هَذَا إِلَّا مُحَمَّد ﷺ وَهَذَا لَا يحِيل بَيَانه على ذِي حس سليم وإنصاف ونسأل الله إيزاع الشُّكْر على مَا وفْق لَهُ من الْهدى فَإِن قَالَ قَائِل فَإِن الْمَجُوس تصدق بنبوة زرادشت وَقوم من الْيَهُود بنبوة أبي عِيسَى الْأَصْبَهَانِيّ وَقوم من كفرة الغالية يصدقون بنبوة يزيع الحائك والمغيرة بن سعيد وبنان بن سمْعَان التَّمِيمِي وَغَيرهم من كلاب الغالية فَالْجَوَاب وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق أَن أَبَا عِيسَى وبنان ويزيعًا وَسَائِر من تَدعِي لَهُ الغالية بنبوة أَو إلهية من خِيَار النَّاس وشرارهم لم تظهر لوَاحِد مِنْهُم آيَة بِوَجْه من الْوُجُوه والآيات لَا تصح إِلَّا بِنَقْل الكواف وكل هَؤُلَاءِ كَانَ بعد رَسُول الله ﷺ وَقد أخبر الَّذِي جَاءَت الْبَرَاهِين بصدقه أَنه لَا نَبِي بعده فقد صَحَّ الْبُرْهَان بطلَان مَا ادّعى لهَؤُلَاء من النُّبُوَّة وَأما زرادشت فقد قَالَ كثير من الْمُسلمين بنبوته
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ لَيست النُّبُوَّة بمدفوعة قبل رَسُول الله ﷺ لمن صحت عَنهُ معْجزَة قَالَ الله ﷿ ﴿وَإِن من أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير﴾ وَقَالَ ﷿ ورسلًا قد قصصناهم عَلَيْك من قبل ورسلا لم نقصصهم عَلَيْك وَقَالُوا إِن الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ الْمَجُوس من الأكذوبات بَاطِل مفتري مِنْهُم وبرهان ذَلِك أَن المانية تنْسب إِلَيْهِم مقالتهم وأقوال هَؤُلَاءِ كلهم متضادة لَا سَبِيل إِلَى أَن يَقُول بهَا قَائِل وَاحِد صَادِق وَلَا كَاذِب فِي وَقت وَاحِد وَكَذَا الْمَسِيح ﵇ ينْسب إِلَيْهِ الملكانية قَوْلهم فِي التَّثْلِيث وتنسب إِلَيْهِ النسطورية قَوْلهم أَيْضا وَكَذَلِكَ اليعقوبية وتنسب إِلَيْهِ المانية أَيْضا أَو كَذَلِك
1 / 91