الَّتِي قدمنَا الَّتِي تضطر إِلَى الْمعرفَة والتيقن بحدوث الْعَالم ثمَّ نقُول أَنه إِنَّمَا يلْزم هَذَا من أقرّ بِهَذِهِ الْمُقدمَة أَعنِي أَن للْعَالم عِلّة وَأما نَحن فَإنَّا نقُول أَنه لَا عِلّة لتكوين الله ﷿ كل مَا كَونه وَأَنه لَا شَيْء غير الْخَالِق وخلقه ثمَّ نقُول على علم هَؤُلَاءِ قولا كَافِيا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهُوَ أَن الْمَفْعُول هُوَ الْمُنْتَقل من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود بِمَعْنى من لَيْسَ إِلَى شَيْء فَهَذَا هُوَ الْمُحدث وَمعنى الْمُحدث هُوَ مَا لم يكن ثمَّ كَانَ وهم يَقُولُونَ أَنه الَّذِي لم يزل وَهَذَا هُوَ خلاف الْمَعْقُول لِأَن الَّذِي لم يكن ثمَّ كَانَ هُوَ غير الَّذِي لم يزل فالعالم إِذا هُوَ غير نَفسه وَهَذَا عين الْمحَال وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق فَإِن قَالَ لنا قَائِل لما كَانَ الْبَارِي تَعَالَى غير فَاعل على قَوْلكُم ثمَّ صَار فَاعِلا فقد لحقته اسْتِحَالَة وَتَعَالَى الله عَن ذَلِك قُلْنَا لَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق هَذَا السُّؤَال رَاجع عَلَيْكُم إِذْ صححتموه فَهُوَ لكم لَازم لَا لنا إِذْ لم نصححه وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ عنْدكُمْ الْفِعْل مِنْهُ بعد أَن كَانَ غير فَاعل يرحب الاستحالة على الْفَاعِل تعال فَإِن فعله لما أحدث من الْإِعْرَاض عنْدكُمْ بعد أَن كَانَ غير مُحدث لَهَا وإعدامه مَا أعدم مِنْهَا بعد أَن كَانَ غير معدم لَهَا مُوجب عَلَيْهِ الاستحالة فأجيبوا عَن سؤلكم الَّذِي صححتموه وَلَا جَوَاب لكم إِلَّا بإفساده وَأما نَحن فَنَقُول إِن الاستحالة لَيست مَا ذكرْتُمْ وَإِنَّمَا معنى الاستحالة أَنه حُدُوث شَيْء فِي المستحيل لم يكن فِيهِ قبل ذَلِك صَار بِهِ مستحيلًا عَن صفته المحمولة عَلَيْهِ إِلَى غَيرهَا وَهَذَا الْمَعْنى منفي عَن الله تَعَالَى أَي أَنه تَعَالَى بِحل عَن أَن يكون حَامِلا لصفة عَلَيْهِ بل بِذَاتِهِ لم يفعل إِن كَانَ غير فَاعل وبذاته فعل إِن فعل وَلَا عِلّة لما فعل وَلَا عِلّة لما لم يفعل وَأَيْضًا فَإِن الَّذِي لم يزل هُوَ الَّذِي لَا فَاعل لَهُ وَلَا مخرج لَهُ من عدم إِلَى وجود فَلَو كَانَ الْعَالم لم يزل لَكَانَ لَا مخرج لَهُ وَلَا فَاعل لَهُ وَقد أقرّ أهل هَذِه الْمقَالة بِأَن الْعَالم لم يزل وَإِن لَهُ فَاعِلا لم يزل يفعل وَهَذَا عين الْمحَال والتخليط وَالْفساد وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
بَاب الْكَلَام على من قَالَ أَن للْعَالم خَالِقًا لم يزل وَأَن النَّفس وَالْمَكَان الْمُطلق الَّذِي هُوَ الخلا وَالزَّمَان الْمُطلق الَّذِي هُوَ الْمدَّة لم تزل مَوْجُودَة وَأَنَّهَا غير محدثة
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ النَّفس عِنْد هَؤُلَاءِ جَوْهَر قَائِم بِنَفسِهِ حَامِل لأعراضه لَا متحرك وَلَا منقسم وَلَا مُتَمَكن أَي لَا فِي مَكَان وَقد ناظرني قوم من أهل هَذَا الرَّأْي ورأيته كالغالب على ملحدي أَهلِي زَمَاننَا فألزمتهم إلزامات لم ينفكوت مِنْهَا أظهرت بطلَان قَوْلهم بعون الله تَعَالَى
1 / 27