Fiqh Principles: Authenticity and Guidance
القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه
ژانرها
خلاف الأولوية
وهذا النوع من الخلاف على قسمين: الأول خلاف الأولوية: وذلك بأن يصح للإنسان أن يعمل بقول العالمين أو بقول الطائفتين، لكن قول طائفة يكون أولى أو أعظم أجرًا من قول الطائفة الأخرى.
وبالمثال يتضح المقال: فمسألة صلاة الوتر اختلف العلماء في أي أوقاتها أفضل؟ هل في أول الليل، أو نصف الليل، أو ثلث الليل الآخر؟ فبعض العلماء قال: أول الليل أفضل أوقات الوتر، ويستدلون على ذلك بأحاديث منها حديث أبي هريرة ﵁ وأرضاه أنه قال: (أوصاني خليلي بثلاث وذكر من الثلاث: أن لا ينام حتى يوتر) فقالوا: هذا هو أفضل أوقات الوتر.
وبعض العلماء يقولون: ثلث الليل الآخر هو أفضل أوقات الوتر، والدلالة على ذلك أن النبي ﷺ قال: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا).
وجاء من فعل النبي ﷺ ما روته عائشة فقالت: (إن النبي ﷺ كان يوتر من أول الليل وأوسط الليل وأوخر الليل).
والخلاف هنا خلاف أولية، فلك أن تأخذ بالأول أو بالثاني أو بالثالث؛ لأن كل عالم أو كل طائفة لها دليل، والخلاف هنا خلاف في أيها أولى وأعظم أجرًا: صلاة الوتر في أول الليل أو وسطه أو آخره؟ ومثل ذلك ما جاء أن النبي ﷺ كان يصلي الضحى ثمان ركعات، وبعضهم روى أنه كان يصلي ركعتين، وبعضهم قال: بل يصلى أربع ركعات.
وكل قول له دليل، فقد صلى النبي ﷺ ركعتين وصلى أربعًا، والخلاف إنما هو في صلاة ثمان ركعات صلاها النبي ﷺ يوم فتح مكة هل كانت تلك صلاة الضحى أم صلاة الفتح؟ حصل هنا خلاف لسنا بصدده الآن.
إذًا: خلاف التنوع الأولوي: هو أن تعمل بكل قول كيفما شئت، لكن الأعظم في الأجر أن ترتب ذلك العمل على الراجح من الأدلة.
14 / 9