فیلم مستند: مقدمهای کوتاه بسیار
الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
توضح بعض النماذج الحديثة نطاق مثل هذا النشاط. يعتبر فيلم «وول مارت: التكلفة العالية للأسعار المنخفضة» (2005) - من إنتاج شركة بريف نيو فيلمز - مناقشة وعظية مثيرة للمشاعر توجه اتهاما بممارسات مشينة لذلك المتجر الكبير للبيع بالتجزئة، مثل خطط الخدمات الطبية غير الملائمة للعاملين، والتدمير المتعمد للشركات الصغيرة. إنه لا يسعى لتحقيق التوازن من خلال توضيح وجهة نظر وول مارت، بل يسعى لتجسيد المشكلة بدقة. لقد أنتج الفيلم من أجل إحداث حراك؛ إذ استخدم لتنظيم تحرك تشريعي مضاد ومقاومة اجتماعية لممارسات الشركة شديدة الاستغلال، فجاء رد وول مارت على الفيلم عنيفا من خلال إعلانات هجومية، ليرد صناع الأفلام باتهام مضاد لوول مارت بالمغالطة وعدم الدقة، وانضم المدونون، وحتى الإعلام السائد، للنزاع. لقد نصبت بريف نيو فيلمز نفسها صوتا للجمهور، لتسد بذلك فجوة ملموسة في التغطية التي قدمها الإعلام السائد للمشكلة. إن مشاهدي الفيلم، الذي شاهده معظمهم من خلال شراء أسطوانات (الدي في دي) عبر البريد، وكنتيجة لحملة ترويج عبر الإنترنت، لم ينظروا له كعرض ترفيهي، ولكن كنقاش نفذ بأسلوب إمتاعي لمشكلة عامة لها أهميتها.
وهناك فيلم «فهرنهايت 9 / 11» لمايكل موور - وهو فيلم ساخر يناهض الحرب على العراق - الذي خاطب الجمهور الأمريكي مباشرة باعتباره شعبا كانت حكومته تتصرف باسم الشعب. حاول المذيعون الموالون للجناح اليميني في وسائل الإعلام التجارية تشويه الفيلم باتهامه بأنه كان بالفعل دعاية، ولكن موور ليس تابعا لذوي السلطة مثل العاملين في مجال الدعاية. لقد كان يقدم وجهة نظره في واقع مشترك، وله كل الحق في ذلك، معبرا عن رؤيته للموضوع بكل صراحة، إلى جانب أنه كان يشجع المشاهدين على النظر بعين ناقدة إلى كلمات وأفعال حكومتهم (غير أنه من المحتمل أن يكون هذا التشجيع قد أضعف بفعل التشخيص المحسوب لثورة الطبقة العاملة، الذي يمكن أن يدفع المشاهدين لاعتبار أنفسهم مجرد ضحايا عديمي السلطة لذوي السلطة، لا كعناصر مؤثرة اجتماعيا).
ثمة أفلام وثائقية حديثة أخرى موجهة للمعرفة العامة والتحرك تستخدم أساليب أعدت بهدف جذب الاهتمام من خلال اللعب على أوتار الاعتقاد؛ فيطرح فيلم «لماذا نحارب» (2005)، لأوجين جاريكي، نقاشا حول التواطؤ بين الساسة والشركات الكبرى والجيش لإهدار أموال وحياة أفراد الشعب في حروب ليس لها داع. وقد اختار جاريكي عن عمد شخصيات من الحزب الجمهوري، استطاعت السمو فوق سياسة التحزب والموالاة والتحدث لأجل المصلحة العامة. وفي فيلم «حقيقة مقلقة» (2006) لديفيز جوجنهايم، يترك آل جور وديفيز جوجنهايم، في عرض سهل الفهم، البيانات العلمية للحديث عن مدى أهمية الموضوع، وقد أشار جيم هانسن، مدير معهد جودارد لأبحاث الفضاء التابع لوكالة ناسا، إلى القيمة العامة للعمل: «قد يكون آل جور قد فعل في الاحترار العالمي ما فعله كتاب «الربيع الصامت» في المبيدات الحشرية الكيماوية. إنه سوف يهاجم، ولكن العامة سيكون لديهم المعلومات اللازمة لتمييز مصلحتنا العامة طويلة المدى عن المصالح الخاصة قصيرة المدى.»
شكل 1-1: استخدم فيلم «الفينيل الأزرق» التجربة الشخصية لاستكشاف قضايا اجتماعية؛ إذ تستكشف جوديث هلفاند - وفي يدها جزء من الفينيل الذي يغطي أرضية منزلها الذي يقع بإحدى الضواحي - الآثار السامة لإنتاج الفينيل. الفيلم من إخراج دانيال بي جولد وجوديث هلفاند، عام 2002.
من الممكن أن تتباين الأساليب تباينا حادا من أجل تحقيق غاية المشاركة العامة، فيقوم فيلم «الفينيل الأزرق» (2002)، لجوديث هلفاند ودان جولد، بتوظيف نسق اليوميات الشخصية لإضفاء طابع شخصي على مشكلة ما؛ إذ يتعقب الفيلم هلفاند وهي تأخذ جزءا من الفينيل الذي يغطي أرضية منزل والديها وتكتشف سمية الفينيل المسببة للسرطان في بداية دورة حياته ونهايتها (إذ ينتج مادة الديوكسين)، لتصبح هلفاند بذلك ممثلة لجمهور يتمثل في هؤلاء الأشخاص الذين يحتاجون لأرضيات غير مكلفة ويعانون أيضا العواقب الصحية لاستخدامها. أما فيلم «الحافلة 174» (2002)، للبرازيلي جوزيه باديلها، الذي يعيد سرد حدث إخباري مثير وقع في ريو دي جانيرو - وهو حادث اختطاف حافلة، ومنع الشرطة من الاقتراب من مكان الحادث لعدة ساعات وانتهاء الأمر بمصرع كل من المختطف وأحد ركاب الحافلة، وهو ما رصد في بث تليفزيوني مباشر على الهواء - فهو يبحر بالمشاهدين داخل حياة المختطف وتحديات الشرطة. ومن خلال مقارنة المشاهد التليفزيونية التي جعلت المشاهدين يلتصقون بمقاعدهم من فرط الإثارة يوما كاملا بالتحقيقات في الوقائع التي أدت إلى الحدث، يعيد الفيلم تأطير «الخبر» كمثال لكيفية تحول المشكلات الاجتماعية الرهيبة والمستوطنة إلى مشهد درامي. أما فيلم «ثلاث غرف للسوداوية» (2005)، وهو ملحمة تأملية للمخرجة الفنلندية بيريو هونكاسالو، فيصطحب المشاهدين داخل الحرب الروسية ضد الشيشان من خلال ثلاث صور فنية مفعمة بالعاطفة؛ في الجزء الأول، «الحنين»، تداعب الكاميرا الوجوه ذات الملامح الجادة لأطفال مجندين في الثانية عشرة في سان بطرسبرج، يتلقون تدريبات عسكرية لمحاربة الشيشان، وفي الجزء الثاني، «التنفس»، تقوم أخصائية اجتماعية محلية بزيارة منازل جروزني الحزينة تحت الحصار، حيث تصل المشكلات الاجتماعية إلى مرحلة تعجيزية، أما الجزء الثالث، «التذكر»، فيدور داخل دار للأيتام على الحدود، حيث يتعلم الشيشانيون الصغار معنى المرارة. ليس للكلمات دور كبير في هذا الفيلم؛ فمن خلال صور تأملية التقطت من زاوية قريبة، تبوح الوجوه التي تكتسي بملامح الحيرة، والألم، والصمود بالكثير، وهكذا يصبح المشاهد شريكا للكاميرا في المعرفة.
وسواء أكان مخرج الفيلم يهدف إلى مخاطبة الجمهور أم لا، فقد تستخدم الأفلام الوثائقية بطرق غير متوقعة. إن فيلم «انتصار الإرادة» (1935)، وهو أحد أكثر أفلام الدعاية سيئة السمعة على مر الأزمان، من الأفلام التي خلدت بين أفلام الدعاية النازية الأخرى، وأيضا بين الأفلام التاريخية. هناك أيضا فيلم «نقطة تفتيش» (2003) للمخرج الإسرائيلي يوآف شامير، وهو توثيق غير قصصي يتسم بالرصد الدقيق لسلوك القوات الإسرائيلية في نقاط التفتيش الفلسطينية، وقد أعد واستخدم كأداة لإثارة نقاش عام لانتهاكات حقوق الإنسان، وقد تقبله الجيش الإسرائيلي باعتباره فيلما تدريبيا.
إن فهمنا المشترك لتعريف الفيلم الوثائقي - المستقى من خبرتنا في المشاهدة - يتغير مع الوقت، بفعل الضغوط التجارية والتسويقية، والتجديدات التكنولوجية والشكلية ، وأيضا المناقشات الحامية، ودائما ما يكون لفن الفيلم الوثائقي عنصران متصارعان غاية في الأهمية: التجسيد والواقع؛ فصناعه يعالجون الواقع ويحرفونه مثل جميع صناع الأفلام، ولكنهم لا يزالون يدعون أنهم يقدمون تجسيدا حقيقيا للواقع. وعلى مدار تاريخ الأفلام الوثائقية، دار جدال بين المخرجين والنقاد والمشاهدين بشأن مقومات الحكي الجدير بالثقة للواقع، ويطلعك هذا الكتاب على هذه المجادلات على مدار الزمن وفي بعض أشكاله الفرعية المعروفة.
الشكل
كيف يبدو الفيلم الوثائقي؟ يحمل معظم الناس في عقولهم مفهوما تقريبيا لماهية الفيلم الوثائقي، وليست هذه بالصورة الجميلة في رأي الكثيرين. غالبا ما يعرف «الفيلم الوثائقي التقليدي» بأنه فيلم يبرز سردا يروى بصوت جهوري عميق، ومناقشة تحليلية أكثر منها قصة ذات شخصيات، ولقطات لوجوه خبراء مدعمة ببعض اللقاءات مع أشخاص في الشارع، إلى جانب مجموعة من الصور المرخصة توضح وجهة نظر الراوي (غالبا ما تسمى «القطع المتبادل» في مجال البث)، وربما بعض الرسوم المتحركة التعليمية، وموسيقى فخمة، وغالبا ما لا يتذكر هذا المزيج من عناصر الشكل بإعجاب؛ فالاستجابة الشائعة لتجربة تمثيلية ممتعة هي: «لقد كان شائقا حقا، لا يبدو كفيلم وثائقي عادي.»
في الواقع، مخرجو الأفلام الوثائقية يتوافر لديهم مجموعة كبيرة من خيارات الشكل للتعبير للمشاهدين عن صحة ما يعرضونه لهم وأهميته. وعناصر الشكل التي كثيرا ما ترتبط ب «الفيلم الوثائقي التقليدي» هي جزء من مجموعة من الخيارات التي صارت تقليدا نمطيا في القرن العشرين في التليفزيون، غير أن هناك خيارات أخرى متاحة. ويقدم لك هذا الفصل العديد من الطرق للنظر إلى الفيلم الوثائقي باعتباره مجموعة من القرارات تتخذ بشأن كيفية تجسيد الواقع من خلال الأدوات المتاحة لمخرج الفيلم؛ من ضمن هذه الأدوات «الصوت» (الصوت المحيطي، الموسيقى التصويرية، المؤثرات الصوتية الخاصة، الحوار، السرد)؛ «الصور» (مادة مصورة في موقع التصوير، صور تاريخية مجسدة في صور فوتوغرافية، أو لقطات فيديو، أو أشياء مادية)، المؤثرات الخاصة الصوتية والمرئية، بما في ذلك الرسوم المتحركة؛ «الإيقاع» (مدة المشاهد، عدد اللقطات، بنية النص أو الحكي). ويختار المخرجون الطريقة التي يريدونها لبناء القصة: الشخصيات التي يريدون نسجها للمشاهدين، وقصص الأشخاص التي يركز عليها، وكيفية حل عقدة القصة.
صفحه نامشخص