122

فکر سامی در تاریخ فقه اسلامی

الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي

ناشر

دار الكتب العلمية-بيروت

شماره نسخه

الأولى-١٤١٦هـ

سال انتشار

١٩٩٥م

محل انتشار

لبنان

ژانرها

وحقيق بمن أقيم في هذا المنصب الخطير أن يُعِدَّ له عدته، وأن يتأهب له أهبته، وأن يعلم أنه مبلغ عن الله بمنزلة الوزراء الموقعين عن الملوك، وله المثل الأعلى، ولذا ورد في الحديث: "أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار" ١. وقد تولى الله الإفتاء بنفسه في غير ما آية: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾ ٢، ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾ الآية٣. ويأتي لنا في الخاتمة ما يُشْتَرط في المفتي والمجتهد، وما هي الصفة التي يتحقق به وجوده، وقد أرشد النبي ﷺ أصحابه إلى القياس، ففي الصحيح أن رجلًا أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، وُلِدَ لي غلام أسود، وإني أنكرته، فقال: "هل لك من إبل"، قال: نعم، قال: "ما ألوانها؟ " قال: حمر، قال: "هل فيه من أورق؟ " قال: نعم، قال: "فأنى ذلك؟ " قال: لعله نزعة عرق. قال: "فلعل ابنك هذا نزعة عرق" ٤. ففي الحديث إرشاد له أن يقيس مخالفة لون ولده له على مخالفة لون ولد الجمل لوالده، وهو قياس الشبه، قال في المستصفى: ما من مفتٍ إلّا وقد قال بالرأي، ومن لم يقل به فلأنه أغناه غيره عن الاجتهاد، ولم يعترض عليهم في الرأي، فانعقد إجماع قاطع على جواز القول بالرأي٥. وهو إجماع مبحوث فيه بالخلاف السابق، وقال في المستصفى أيضًا: لا يظن بالظاهري المنكر للقياس إنكار المعلوم والمقطوع به، ولعله ينكر المظنون منه.

١ الدارمي عن عبد لله بن أبي جعفر مرسلًا "ج١/ ٥٣"، قال في كشف الخفاء: رواه ابن عدي عن عبد الله بن جعفر مرسلًا "ج١/ ٥١". ٢ النساء: ١٧٦. ٣ النساء: ١٢٧. ٤ البخاري في المحاربين "ج٨/ ٢١٥"، ومسلم في اللعان "ج٤/ ٢١١"، وأبو داود في الطلاق "ج٢/ ٢٧٨"، والنسائي في الطلاق "ج٦/ ١٦٤". ٥ المستصفى "ج٢/ ٢٤٥".

1 / 129