قالت: أقسم لك بحياة لورانس على أنني لم أقل إلا صدقا.
فصاح روجر صيحة هائلة، وقال: كل هذا صحيح وقد صدقته حتى إني لأقسم كذلك على صحته. فويحي أنا الأحمق؛ لأنني لم أبصر ولم أفهم. أعماني الغضب والغيرة فنسيت ذات الفضيلة السامية التي عاشرتها مدة ثمانية عشر عاما كلها حنان وإخلاص، كنت أعمى ومجنونا لا أرى ولا أفهم، فسفكت يداي دم بريء، ثم طردتك أيها الملك الكريم من منزلي، وطلقتك، وأنا ذلك المفتون الذي لم يستحق امتلاك هذا الكنز ولم يعرف قيمته.
وهاجه اليأس فقال: إني أقدمت على ذلك كله، ثم فعلت ما هو شر من ذلك فاختطفت الابنة من أمها الشهيدة المعذبة. لقد كنت نذلا وكنت وغدا ذميما.
ثم صاح قائلا: لحسن الحظ لا يزال في الإمكان إصلاح شيء مما أفسدت، وسارع إلى حجرة ابنته وناداها: بوليت، بوليت! تعالي فقبلي أمك.
فأقبلت بوليت في لباس عرسها، ولم تسمع كلمات أبيها، فقالت وهي مسترسلة إلى تأملاتها المحزنة: أنت هنا يا أماه؟ ماذا جرى حتى أمكنني أن أراك أيضا؟
قال الكونت: إن أمك هذه مثال الشرف والحكمة، فانطرحي على قدميها يا بوليت، واسأليها أن تعفو عني؛ لأنني لا أتجرأ على طلب العفو منها فقد كنت لها ظالما.
وتهالك على مقعده وفاضت شئونه - سالت دموعه - فتقدمت إليه لورانس وفتحت له ساعديها وقالت: عفا الله عما مضى يا روجر، فتناس ذلك الماضي، أما أنا فلا أذكر منه إلا حبك، وما برحت أحبك كما كنت قبلا.
فضمها الكونت إلى صدره وهي ممسكة بيد بوليت.
وفي ذلك الوقت انفتح باب المخدع، ودخلت كلوديا ومعها أخوها، ولم تسمع ما قيل في البهو لكنها سمعت لجبا، فلم تتمالك أن نهضت ودخلت المخدع مفاجئة، فحدث ولا حرج عن فرط تعجبها وسخطها لما رأت زوجها ولورانس وبوليت في تلك الحال، فأشارت إشارة تهديد وقالت: يا لكم من أنذال!
وظن بلميري أن الواجب يقضي عليه بمساعدة أخته، فتقدم وقال: ماذا جرى حتى أقدمت على إهانة أختي أيها الكونت؟ ولماذا دخلت هذه المرأة ...
صفحه نامشخص