حبائل الشيطان
يمر رجل الأدب والتهذيب في شوارع الأزبكية، فيخيفه ما يرى أمامه من صنوف الخلاعة وأنواع الفجور، ومن تلك الأشراك المنصوبة عند كل خطوة لاصطياد المال وسلب الصحة والآداب، فيخطر في باله، وهو الأديب، أن يبحث عن أسباب هذا الداء المنتشر في القطر انتشارا يقصر عنه انتشار الطاعون في بومباي منذ بضع سنين مضت، يمشي المرء من جهة قهوة الشيشة الوحيدة ليلا إلى وجه البركة، فلا يصل لإلدورادو إلا ويعثر بمائة سبب من أسباب الفجور، فيصل إلى الإجبسيان فيرى جميع الأسباب مجتمعة معا إن لم يكن فيها ففي جوارها، ثم يتقدم قليلا في ذلك الشارع لجهة قهوة اللوفر، فيرى ما لا يجوز أن يخطه قلم، ثم ينظر إلى أكثر المباني فخامة وأشد المحال ازدحاما وأجمل الحوانيت أثاثا وأتمها زينة وأكثرها أجورا، فيرى أن محال البغاء نائلة القدح المعلى ورافلة بلباس الزينة الأسنى؛ ذلك لأننا شباننا الكرام العواطف ينفقون الذهب الوضاح على مناضد مثل هذه المحال بلا عدد ولا حساب، مع أنهم يحاسبون مساح الحذاء على المليم، والعامل في حقولهم أو الخادم في بيوتهم على البارة أو على ما هو أقل منها.
كثر الويل فصار عاما، فسقط شباننا حتى في عدم تمييز الكلام المهذب من غيره ، وصار بعضهم يقص أخبار زيارة البغايا كعمل شريف يفتخر به في أندية الخمر!»
انتهى كلام الجوائب.
وصوت الجوائب أيضا صوت صارخ يستغيث صاحبه من حال الشبيبة الساقطة.
ثم جاء تقرير جناب اللورد «كرومر»، وفيه نبذة طويلة عن «الرقيق الأبيض»، وقد قرأنا مقالة بقلم «قارئ ناقد» في صحيفة الإكسبريس التي تنشر في الإسكندرية في عددها الصادر يوم 14 مايو سنة 1905، وهي تشرح كلام اللورد «كرومر» عن الرقيق الأبيض، قال الكاتب:
الرقيق الأبيض
جاء في تقرير اللورد «كرومر» عن مصر والسودان في سنة 1904 ما يأتي: كتب إلي الماجور «هوبكنسون»، رئيس الشرطة في ثغر الإسكندرية عن الرقيق الأبيض، يقول:
إن جمعية الاتجار بالنساء لها أعضاء ومعضدون في كل مكان، فإن الفتيات يبعث بهن من مدينة إلى مدينة، ومن أرض إلى أخرى، ومن يد شرير إلى يد فاسق، والناس عنهن لاهون. وأكثر ما تكون تلك التجارة الخاسرة في بلاد الشرق، فمن شنجاهاي إلى بومباي وغيرها، وليس لهم إلى تلك البلاد من مخرج سوى بورت سعيد.
انتهى. كلام الماجور «هوبكنسون».
صفحه نامشخص