كان لنا طه حسين بشخصيه عصر تنوير، وكان لنا كذلك عصرا «إنسانيا» يعلي من شأن الإنسان؛ فلقد آمن بالتقدم وتفاءل بمصير الإنسان، كان لنا أبا العلاء وكان لنا فولتير في آن معا، دعا إلى حرية الفكر بادئا من طلاقة التعبير ومنتهيا إلى كرامة الإنسان؛ فلئن كثر حوله من أبناء عصره من قدم القوالب على دينامية الإنسان، فقد دعانا هو إلى أن تكون الأولوية لفاعلية الإنسان الحرة، وعلى القوالب أن تجيء بعد ذلك لتصوغ لتلك الفاعلية قوانينها. لقد استمد فكره وأدبه وفعله من نظرته، ولم يجعلها اشتقاقا من قواعد وضعها آخرون، فكان فكره وكان أدبه وكان فعله جميعا لصيقة به كالشمس وضوئها.
السؤال الحاسم في تقويمنا لعظيم أدى رسالته، هو هذا : هل صنعت رسالته من الإنسان إنسانا أفضل؟ وهل ارتفعت بالإنسان من أدنى إلى أعلى؟ والجواب بالنسبة إلى عظيمنا الراحل هو أنه قد أجاد الصنع وأحسن الأداء.
صفحه نامشخص