أما رأيي الذي أعلنته في كتاب الرياض وفي مقالات أخرى في عبد الله بن سبأ فهو أنني أنفي دوره في الفتنة وهذا يوافقني عليه كثير من الدراسات الجامعية نفسها التي يثني عليها العودة وأقصد بدور ابن سبأ ما سطره سيف بن عمر عنه بأنه تنقل في الولايات والبلدان وحرض الناس ضد الولاة وضد عثمان وقاد الحملات وأنه السبب في مقتل عثمان وفي كل الحروب والفتن التي جرت فهذا كله من أكاذيب سيف بن عمر لأن هذا يخالف كل الروايات الصحيحة ولأن الصحابة ليسوا بهذا الغباء والحماقة لدرجة أن يأتي يهودي نكرة ويجعل بعضهم يموج في بعض من الدماء، بل هذا قد يعده البعض طعنا في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا كان الجيل الذي أخرجه محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الغفلة والسذاجة لدرجة أنهم يتحولون من {أشداء على الكفار رحماء بينهم} إلى أدوات في يد يهودي نكرة يغرر بهم ويسلط بعضهم على بعض! فهذا الجيل الذي يسيره يهودي يكون عند البعض جيلا فاشلا ولعل هذا ما أراد أن يثبته سيف بن عمر فيكون من أسباب اتهامه بالزندقة! وهذا يخالف ما أجمع عليه المحدثون والمؤرخون قبل سيف وفي عصره وبعده فإنهم وإن اختلفوا في بعض أسباب الفتنة لكنهم مجمعون على أن عبد الله بن سبأ ليس من تلك الأسباب والدليل على ذلك أنه لم يذكره أحد منهم بحرف عند كلامهم (في الفتنة) اللهم إلا من جاء بعد سيف بن عمر ناقلا عن سيف بن عمر أيضا.
فسيف هو المصدر الوحيد لهذه (الموآمرة المزعومة).
وقد أتهمه المحدثون بالزندقة فاتهمه ابن نمير وابن حبان والحاكم بذلك وكذبوه وذكروا أنه يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ويكذب في التاريخ أيضا وقد اعتذر عنه الدكتور العودة وغيره بأنه إذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم فلا يلزم منه أن يكذب في التاريخ! لكننا نقول:
أولا: ثبت كذبه في التاريخ.
ثم إن من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم فلن يتورع أن يكذب على غيره! فهذا من باب الأولى.
صفحه ۷۸