وهكذا نجد أحمد فارس في كل ما كتبه يخلط الجد بالهزل، ويتهكم تهكما مريرا على الأوضاع التي لا تروقه، وقد قال عن كتابه "الساق على الساق فيما هو الفارياق":
هذا كتابي للظريف ظريفا ... طلق اللسان وللسخيف سخيفا
أودعته كلما وألفاظا حلت ... وحشوته نقطا زهت وحروفا
وبداهة وفكاهة ونزاهة ... وخلاعة، وقناعة وعزوفا
كالجسم فيه كل عضو تعشق ال ... مستور منه وتحمد المكشوفا
فصلته لكن على عقلي فما ... مقياس عقلك كان لي معروفا
وقد وضع أحمد فارس كل تجاربه وعلمه وفنه، وقلمه الظريف القوي المتمكن من مختلف أساليب اللغة في إخراج "الجوائب" فكانت من الصحف الأولى في العالم، وله يرجع فضل السبق في تعبيد العربية وتذليلها بأسلوبه المرسل الطليق، كما أنه من أوائل الذين ملئت قلوبهم بغضا للأجانب, فهم عن حق أغراضهم الدنيئة، وسلقهم بلسان حاد، وحرض على إخراجهم من ديار العرب والشرق, وقد خص مصر بحب وفير، وكان مثلا في الصحافة انتهجه المصريون، وحذوا حذوه, فلا بدع أن كان من رواد النهضة الحديثة.
كل ذلك حفز المصريين إلى الاهتمام بالصحافة، ووجدوا من إسماعيل صدرا رحبا للنقد السياسي, اللهم إلا ما يمس شخصه، فلصحابه الويل والثبور كما حدث لمدير الأهرام سنة1889، حين أشار إلى مال صرف من الخزينة، ولم يعلم مصيره، وكاد إسماعيل يبطش به، وبجريدته, لولا أن ارتمى في حضن فرنسا فحمته، كما وجدوا إسماعيل تشجيعا للحركة الأدبية, وميلا للأدب والفن والعلم, ومن الصحف المصرية التي ظهرت في عهد إسماعيل:
1 - مجلة اليعسوب:
صفحه ۸۵