"وفقك الله لما يرضاه، وعصمك في موجب الذم, ومن لا يتحاشاه، إن الفضيلة والرذيلة صفتان متضادتان، ونوع الإنسان مجبول على الميل للأولى، والفرار من الأخرى على حسب آراء العباد، وعوائد البلاد، فربما كانت الفضيلة عند قوم رذيلة عند آخري، وكانت الرذيلة عند أمم فضيلة عند غيرهم من المتأخرين، وحسنات الأبرار سيئات المقربين، مع تفاوت في طباعهم، وأشكالهم, وصنائعهم، فمنهم ذو الطبع السليم، ومنهم الذميم، ولا سبيل إلى ترغيب الأول ليجتهد في الازدياد، وترهيب الثاني لينطبع على أن يتحاشى بالاعتياد، لا باللسان، الآتي بسحر البيان، فقد جاء في الحديث: "إن إيمان المرء ليربوا إذا مدح، وربما # يصح الجسم إذا جرح، فمن ذلك كان المدح على المحاسن تذكيرا، والذم على القبائح تنفيرا، وكلاهما مطلوب شرعا، ومرغوب فرعا، فيستقيظ الغافل، ويقبل الكمال الكامل".
ومن شعره قطعة قالها في منفلوط "وهي من قرى الصعيد":
سعيد من نأى عنه الصعيد ... صعود ما لطالعه سعود
وردنا منفلوط فلا سقاها ... وردناها فأظمأنا الورود
فما لي قد بعثت لقوم عاد ... كأني صالح وهم ثمود
أراهم ينظرون إلي شزرا ... كعيسى حين تنظره اليهود
فما لي منهم خل ودود ... ولي من طبعهم خل ودود
ويقول في الهرمين:
انظر إلى الهرمين واعلم أنني ... فيما أراه منهما مبهوت
رسخا على صدر الزمان وقلبه ... لم ينهضا حتى الزمان يموت
ومن شعره يصف الجراد الذي اجتاح مصر سنة 1259ه:
فترى الجراد على الجريد ... مكللا مثل الثمر
ورقش تراها إنها ... نار تلظى بالشجر
لواحة للأرض لا ... تبقي النبات ولا تذر
وصغيرة في حجمها ... لكنها إحدى الكبر
الأرض كانت جنة ... فالآن ترمي بالشرر
نزل الجراد بها كما ... نزل القضاء أو القدر # 4- المعلم بطرس كرامة:
صفحه ۵۱