فيلسوف العرب والمعلم الثاني
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
ژانرها
8
وللأستاذ محمود محمد شاكر رأي في فلسفة المتنبي فهو يقول:
ونحن لا ننفي عن أبي الطيب التأثر بالفلسفة وغيرها مما يداخلها أو تداخله على مذهب الأوائل، وكيف يكون ذلك والدنيا يومئذ موج متلاطم بالجدل والخصام، والعلماء يومئذ كثيرون، وأصحاب المذاهب الغريبة متوافرون، وأصحاب الجدل مغرمون بإقامة الشبهة وردها بالحجة والبرهان العقلي، والكتب المخلفة كثيرة لم تذهب بعد، وهي كتب نشأ منها بعد علم الكلام الذي اختلطت به الفلسفة وصارت أصلا من أصوله؛ والمساجد لذلك العهد كانت عامرة بالصخب الذي لا يجدي ولا ينفع في أصول الدين وعقائده، فلسنا نشك بعد أن هذا الفتى المتوقد، الذي قال عنه كثير ممن رأوه إنه كان واسع العلم والمعرفة قد اختلط وسمع وبحث ونظر وجادل، وأخذ بأطراف مما سمع وقرأ وحفظ، حتى بان ذلك في شعره الأول بيانا لا خفاء فيه، وقل بعد أن استحكمت قوته، وغلب عليه الأصل الشعري الذي استولى على أكثر موهبته وقدرته.
إلى أن قال:
وقد كان في هذا القسم من شعره يلجأ إلى الأساليب الفلسفية في استخراج المعاني وتوليدها، وكان يكثر من التقسيم الفلسفي والتوجيه المنطقي وغيره من ألوان كلام المتفلسفة والمتكلمة والمتزندقة أيضا، حتى فسدت معاني شعره؛ فلذلك كان أكثر ما تجد من ساقطه ومرذوله مما عابه عليه النقاد، وخاصمه به المتعصبون عليه هو من هذا القسم الذي قاله في صباه إلى أطراف سنة 328 على وجه التقريب لا التحقيق.
هذه خلاصة آراء المتقدمين والمحدثين في فلسفة المتنبي، ولا يتسع المقام للبحث فيها والموازنة بينها.
وإذا كان أنصار المتنبي وخصومه يكادون يتفقون على أنه فيلسوف؛ فهل كان المتنبي يرى نفسه فيلسوفا كما كان يرى نفسه الشاعر الفرد؟ جاء في كتاب الصبح المنبي:
وسئل أبو الطيب عنه [البحتري] وعن أبي تمام وعن نفسه، فقال: أنا وأبو تمام حكيمان والشاعر البحتري.
9
وعجيب أن يعترف المتنبي بالسبق لشاعر ، وهو الذي ملأ الدنيا بشعره فخارا فهو يقول:
صفحه نامشخص