فيلسوف العرب والمعلم الثاني
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
ژانرها
وقال أبو الطيب:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلى
مضر كوضع السيف في موضع الندى
ومن المحدثين محمد كمال حلمي بك الذي يقول: «إذا كانت الفلسفة كما يقول المشتغلون بها نظرية وعملية، فإن أبا الطيب لم يحرز قصب السبق في الأولى، ولكنه كان في الثانية أصدق نظرا وأبقى أثرا: دقيق النظر، كثير الاستنتاج، ماهر في التوليد، غزير المادة في ضرب الأمثال وقياس الأشباه بالأشباه، وهو فوق ذلك من أكبر الوصافين. فلا غرو أن أجاد في تصوير الحالات النفسية ومظاهر الأخلاق وتقريب المعاني البعيدة إلى متناول الناس أجمعين.»
3
ويقول في موطن آخر:
وقد آن لي أن أستخلص من آراء أبي الطيب وأفكاره حكما إجماليا في تقدير فلسفته، وينبغي بادئ ذي بدء أن أقول: إن صاحبنا لم يكن فيلسوفا نظريا كابن سينا مثلا، ولا خلقيا كابن حزم، ولا مؤدبا صوفيا كالغزالي. فمن هذه الناحية لا يصح أن يقارن بهم، فمقام فلسفتهم ليس في متناول الشعراء ولا ينبغي لهم ولا يستطيعون، وغاية ما يقال عن شاعرنا: أنه مفكر له آراء لا نقطع بأنها ثمرة نظره ونتيجة تحقيقه، كما لا ندعي أنه استعارها من غيره، فإن صح إطلاق الفلسفة على مجموعة من الأفكار، فأبو الطيب جدير بأن يتسمى فيلسوفا؛ لأن مجموعة أفكاره حافلة مستفيضة، ويمكن للناقد أن يجد لها انسجاما وارتباطا بين أجزائها، وقد تناول فيها البحث بإشارات موجزة عن مسائل شتى تتعلق بالحياة، وخطة السير فيها وتقدير خلق الناس، ومعاملتهم على مقتضى خلقهم.
4
أما الأستاذ عباس محمود العقاد فيقول:
والمتنبي على وجه خاص أولى من عامة شعرائنا (ما عدا المعري) بالنصيب الأوفى في عالم المذاهب والآراء؛ لأن الحقائق المطبوعة لا تكاد تقر في نفسه حتى يرسلها إلى ذهنه ويكسوها ثيابا من نسجه. ويغلب أن يوردها بعد ذلك مقرونة بأسبابها، معززة بحججها، على نمط لا يفرق بينه وبين أسلوب الفلاسفة في التدليل إلا طابع السليقة وحرارة العاطفة. فتأمل في قوله:
صفحه نامشخص