فيلسوف العرب والمعلم الثاني
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
ژانرها
كان الكندي يعيش في بغداد في رخاء في دار تحوي من الكتب ما احتاج ابنا موسى بن شاكر أن يفرداه في خزانة سميت «الكندية» لكثرة تلك الكتب ونفاستها، وبنو موسى بن شاكر هم كما يقول صاحب الفهرست:
50
وهؤلاء القوم ممن تناهى في طلب العلوم القديمة وبذل فيها الرغائب، وأتعبوا فيها نفوسهم، وأنفذوا إلى بلاد الروم من أخرجها إليهم، فأحضروا النقلة من الأصقاع والأماكن بالبذل السني فأظهروا عجائب الحكمة.
فهم كانوا ممن يجمع الكتب ويعرف أقدارها، واهتمامهم بأمر مكتبة الكندي دليل على عظم شأنها.
شخصيته
ويظهر أن نوع الحياة التي كان يحياها الكندي الفيلسوف بحكم ما فيها من عزلة، وانقطاع عن مجامع الأدباء والعلماء، واتصال بالمترجمين والفلاسفة، وهم غير مسلمين ولا عرب، لم يكن من شأن ذلك أن يجعل الكندي خفيفا على أرواح من يرون في الحياة غير ما يرى.
ولعل هذا هو السر في أن عمرو بن بحر الجاحظ جعل من الكندي في كتابه البخلاء موضوع أسمار وفكاهات.
51
فالكندي عند الجاحظ مثل في البخل: «لا يزال يقول للساكن وربما قال للجار: إن في الدار امرأة بها حمل، والوحمى ربما أسقطت من ريح القدر الطيبة، فإذا طبختم فردوا شهوتها ولو بغرفة أو لعقة، فإن النفس يردها اليسير، فإن لم تفعل ذلك بعد إعلامي إياك فكفارتك أن أسقطت غرة عبد أو أمة، ألزمت نفسك ذلك أم أبيت.
قال: فكان ربما يوافي إلى منزله من قصاع السكان والجيران ما يكفيه الأيام؛ وإن كان أكثرهم يفطن ويتغافل، وكان الكندي يقول لعياله: أنتم أحسن حالا من أرباب هذه الضياع، إنما لكل بيت منهم لون واحد وعندكم ألوان.
صفحه نامشخص