فيلسوف العرب والمعلم الثاني
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
ژانرها
نشأته وبيئته
تاريخ ميلاد الكندي غير معروف إلا ظنا، وقد أشرنا فيما مضى إلى أن الراجح أن ميلاده كان في أواخر حياة أبيه الذي توفي في زمن الرشيد، والرشيد توفي سنة 193ه / 808م.
فالغالب: أن الكندي ولد في مطلع القرن التاسع الميلادي حوالي 801م / 185ه كما رجحه «ده بوير».
20
ولما كان يعقوب بن إسحاق الكندي قد توفي في أواسط القرن الثالث الهجري كما سيأتي تحقيقه، ولم يكن أحد ممن ترجموا له أشار إلى أنه كان من المعمرين، فمن المرجح أنه ولد في عواقب عمر أبيه وأن أباه تركه طفلا، فنشأ في الكوفة في أعقاب تراث من السؤدد ومن الغنى، وفي حضن اليتم وظل الجاه الزائل.
وإذا كان جاه بني الأشعث بن قيس لم يزل بزوال إسحاق، فإن عهدهم الزاهر في الكوفة قد تولى بموته، وكانوا انتشروا في البلاد، فلم يبق للصبي اليتيم إلا أمه التي لا نعرف من شأنها قليلا ولا كثيرا.
كانت الأيم تريد بالضرورة لولدها أن يعيش كأبيه ميسرا وجيها، فدبرت له ماله ونشأته مقتصدا مرهفا غنيا، ثم ساقته في سبيل العلم لما آنست من ذكائه المتوقد وشوقه إلى التهام المعارف، حتى إذا فاتته فخامة الحكم لم تفته جلالة العلم والحكمة.
ولقد وصف الجاحظ
21
مجد العالم الغني عن الناس وصفا لعله يمثل ما أملته لابنها أم الكندي إذ يقول: «ولقد دخلت على إسحاق بن سليمان في إمرته فرأيت السماطين والرجال مثولا وكأن على رءوسهم الطير، ورأيت فرشته وبزته.
صفحه نامشخص