فيض القدير
فيض القدير شرح الجامع الصغير
ناشر
المكتبة التجارية الكبرى
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
۱۳۵۶ ه.ق
محل انتشار
مصر
٣٠٢ - (اخلفوني) بضم الهمزة واللام أي كونوا خلفائي (في أهل بيتي) علي وفاطمة وابنتهما وذريتهما فاحفظوا حقي فيهم وأحسنوا الخلافة عليهم بإعظامهم واحترامهم ونصحهم والإحسان إليهم وتوقيرهم والتجاوز عن مسيئهم ﴿قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى﴾ قال المجد اللغوي وما احتج به من رمي عوامهم بالابتداع وترك الاتباع لا ينجع فإنه إذا ثبت هذا في معين لم يخرج عن حكم الذرية فالقبيح عمله لا ذاته وقد منع بعض العمال على الصدقات بعض الأشراف لكونه رافضيا فرأى تلك الليلة أن القيامة قد قامت ومنعته فاطمة من الجواز على الصراط فشكاها لأبيها فقالت منع والدي رزقه قاعتل بأنه يسب الشيخين فالتفتت فاطمة إليهما وقالت أتؤاخذان ولدي قالا: لا فانتبه مذعورا في حكاية طويلة ولما جرى للإمام أحمد بن حنبل من الخليفة العباسي ما جرى ندم وقال اجعلني في حل فقال ما خرجت من منزلي حتى جعلتك في حل إعظاما لرسول الله ﷺ لقرابتك منه (وحكى) المقريزي عن بعض العلماء أنه كان يغض من بعض أشراف المدينة لتظاهرهم بالبدع فرأى المصطفى ﷺ في النوم فعاتبه فقال يا رسول الله حاش لله ما أكرههم إنما كرهت تعصبهم على أهل السنة فقال مسألة فقهية أليس الولد العاق يلحق بالنسب قال نعم قال هذا ولد عاق قال السيد السمهودي وحكى لي شيخنا شيخ الإسلام قاضي القضاة يحيى المناوي أن شيخه الشريف الطباطبي كان بخلوته بجامع عمرو بمصر فتسلط عليه تركي يسمى قرقماس الشعباني وأخرجه منها فقال له رجل رأيتك الليلة بين يدي الرسول ﷺ وهو ينشدك هذين البيتين:
يا بني الزهراء والنور الذي. . . ظن موسى أنه نار قبس
لا أوالي الدهر من عاداكم. . . إنه آخر سطر في عبس
إشارة إلى قوله تعالى ﴿أولئك هم الكفرة الفجرة﴾ ثم أخذ المصطفى ﷺ عذبة سوط بيده فعقدها ثلاث عقد. قال شيخ الاسلام: فكان من تقدير الله تعالى أن ضربت رأس قرقماس فلم تقطع إلا بثلاث ضربات فكان ذلك السوط من قبيل قوله تعالى ﴿فصب عليهم ربك سوط عذاب﴾
(طس عن ابن عمر) بن الخطاب وقال إن ذلك آخر ما تكلم به رسول الله ﷺ قال الهيتمي فيه عاصم بن عبد الله وهو ضعيف
٣٠٣ - (أخنع) بفتح الهمزة والنون بينهما معجمة ساكنة وفي رواية أخنى أي أفحش (الأسماء) أي أقتلها لصاحبه ⦗٢٢٠⦘ وأهلكها له يعني أدخلها في النخوع وهو الذل والضعة والهوان ذكره الزمخشري (عند الله يوم القيامة) قيد به مع كونه في الدنيا كذلك إشعارا بترتب ما هو مسبب عنه من إنزال الهوان وحلول العذاب (رجل) أي اسم رجل قال الطيبي: لا بد من هذا التأويل ليطابق الخبر ويمكن أن يراد بالاسم المسمى مجازا أي أخنع الرجال رجل كقوله ﷾ ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ وفيه مبالغة لأنه إذا قدس اسمه عما لا يليق بذاته فذاته بالتقديس أولى وإذا كان الاسم محكوما عليه بالصغار والهوان فكيف المسمى به انتهى وما بحثه تقدمه إليه القرطبي فقال المراد بالاسم المسمى بدليل رواية أغيظ رجل وأخبثه ووقع في هذه الرواية وأغيظه معطوفا على أخبثه فجاء مكررا فزعم بعضهم أنه وهم وأن الصواب وأغنطه بالنون والطاء المهملة أي أشد والغنطة شدة الكذب ورده القرطبي أن تطريق الوهم إلى الحفاظ وهم لا ينبغي المبادرة إليه ما وجد للكلام وجه ويمكن حمله على إفادة تكرار عقوبة من تسمى به تغليظا كما قال الله تعالى ﴿فباءوا بغضب على غضب﴾ أي بعقوبة بعد عقوبة (تسمى) أي سمى نفسه أو سماه غيره فأقروه ورضي به (ملك) بكسر اللام (الأملاك) أو ما في معناه نحو شاه شاهان أو شاهان شاه والعجم تقدم المضاف إليه على المضاف وألحق به ملك شاه قيل وإذا امتنع التسمي بما ذكر فباسم من له هذا الوصف كالله والجبار والرحمن أولى وقيد فيما مر بالعندية إيذانا بشدة غضبه ومزيد عقابه لمن سمى بشيء من ذلك أو تسمى به والتزمه فلم يغيره وقال القرطبي وحاصل الحديث أن من تسمى بهذا الاسم انتهى من الكبر إلى الغاية التي لا تنبغي لمخلوق وأنه قد تعاطى ما هو خاص بالإله الحق لما ثبت في الفطرة أنه (لا مالك) لجميع الخلائق (إلا الله) فلا يصدق هذا الاسم بالحقيقة إلا عليه ﷾ فعوقب على ذلك من الاذلال والاسترذال بما لم يعاقب به مخلوق والمالك من له الملك والملك أمدح والمالك أخص وكلاهما واجب لله تعالى انتهى وقال الطيبي قوله لا مالك إلى آخره استئناف لبيان تعليل تحريم التسمية فنفى جنس الملاك بالكلية لأن المالك الحقيقي ليس إلا هو ومالكية الغير مستردة إلى مالك الملوك فمن تسمى بذلك نازع الله ﷾ في رداء كبريائه واستنكف أن يكون عبده لأن وصف المالكية مختص بالله لا يتجاوز والمملوكية بالعبد لا تتجاوزه فمن تعدى طوره فله في الدنيا الخزي والعار وفي الآخرة الإلقاء في النار انتهى ومن العجائب التي لا تخطر بالبال ما نقله ابن بريدة عن بعض شيوخه أن أبا العتاهية كان له ابنتان سمى إحداهما الله والأخرى الرحمن وهذا من أعظم القبائح وأشد الجرائم والفضائح وقيل إنه تاب وألحق بعض المتأخرين بملك الأملاك حاكم الحكام وقد شدد الزمخشري النكير عليه فقال في تفسير قوله تعالى ﴿وأنت أحكم الحاكمين﴾ رب غريق في الجهل والجور من متقلدي الحكومة في زمننا قد لقب أقضى القضاة ومعناه أحكم الحاكمين فاعتبر واستعبر انتهى واعترضه ابن المنير بأن خبر أقضاكم علي يؤخذ منه جواز أن يقال لأعدل القضاة وأعلمهم في زمنه قاضي القضاة ورد عليه وشنع العلم العراقي منتصرا للزمخشري ومن النوادر أن العز بن جماعة رأى أباه في النوم فسأله عن حاله فقال ما كان علي أضر من هذا الاسم فنهى الموقعين أن يكتبوا له في الاسجال قاضي القضاة بل قاضي المسلمين ومنع الماوردي من جواز تلقيب الملك الذي كان في عصره بملك الملوك مع أن الماوردي كان يقال له أقضى القضاة ولعل الفرق الوقوف مع الخبر وظهور إرادة العهد الزماني في القضاة وقال ابن أبي جمرة يلحق بملك الأملاك قاضي القضاة وإن اشتهر في بلاد الشرق من قديم الزمان خلافه وفيه مشروعية الأدب في كل شيء قال ابن القيم وتحرم التسمية بسيد الناس وسيدة الكل كما تحرم بسيد ولد آدم فإن ذا ليس لأحد إلا للرسول ﵊ فلا يحل إطلاقه على غيره قال ولا تجوز التسمية بأسماء الله الحسنى كالأحد والصمد ولا تسمية الملوك بالظاهر والقاهر والقادر وظاهر الوعيد يقتضي التحريم الشديد هبه قصد أنه ملك على ملوك الأرض أو بعضها لكن القاضي أبا الطيب من أكابر الشافعية يجوزه بالقصد المذكور وخالفه الماوردي كما مر ويأتي
(ق د ت عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه وفي الباب غيره أيضا انتهى
1 / 219