أنبا قاضي القضاة أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف، ثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا هارون بن موسى الفروي، في كتاب المغازي، عن موسى بن عقبة، ثنا محمد بن مليح بن سليمان بن أبي المغيرة بن حنين، قال: قال موسى بن عقبة: وثنا ابن شهاب، ثنا عبد الرحمن بن مالك بن جعشم المدلجي، أن أباه مالكا، أخبره أن أخاه سراقة بن جعشم، أخبره أنه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة مهاجرا، جعلت قريش لمن رده مائة ناقة، قال بينما أنا جالس في نادي قومي جاء رجل منا، فقال: لقد رأيت ركبة ثلاثة مروا علي آنفا إني لأظنه محمدا، قال: فأهويت إليه بعيني: اسكت، وقلت: إنما هم بنو فلان يبتغون ضالة لهم، قال: لعله، ثم سكت، قال: فمكث قليلا، ثم قمت فأمرت بفرسي فقيد إلى بطن الوادي، قال: وأخرجت سلاحي من وراء حجرتي، ثم أخذت قداحي التي أستقسم بها، ثم لبست لامتي، ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها، قال: فخرج السهم الذي أكره: لا أضره، قال: وكنت أرجو أن أرده فآخذ المائة ناقة، قال: فركبت على أثره , قال: فبينما فرسي يشتد بي عثر، فسقطت عنه، فأخرجت قداحي، فاستقسمت بها، فخرج السهم الذي أكره: لا أضره قال: فأبيت إلا أتبعه، فركبت، فلما بدا لي القوم، فنظرت إليهم، عثر بي فرسي، وذهبت يداه في الأرض، وسقطت عنه، فاستخرج يديه وأتبعه دخان، فعرفت أن قد منع مني، وأنه ظاهر، فناديتهم، فقلت: انظروني فوالله لا أريبكم ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قل له: ماذا تبتغي؟ " فقلت له: اكتب لي كتابا يكون بيني وبينك آية، قال: «اكتب له يا أبا بكر كتابا» . قال: فكتب لي، ثم ألقاه إلي، قال: فرجعت، فسكت، فلم أذكر شيئا مما كان، حتى إذا فتح الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وفرغ من أمر حنين خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لألقاه، ومعي الكتاب الذي كتب لي، قال: فبينما أنا قاعد له , دخلت بين ظهراني كتيبة من كتائب الأنصار , قال: فطفقوا يقرعوني بالرماح ويقولون: إليك إليك حتى دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهو على ناقته أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة، فرفعت يدي بالكتاب , فقلت: يا رسول الله هذا كتابك , فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوم وفاء وبر، أدنه» . قال: فأسلمت ثم تذكرت شيئا أسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما ذكرت شيئا غير أني قلت: يا رسول الله , الضالة تغشى حياضا قد ملأتها لإبلي هل لي من أجر إن سقيتها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم، في كل ذات كبد حرى أجر» . قال: فانصرفت، فسقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي
صفحه ۱۵۴