38 - أخبرنا شيخنا أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف الأوقي إجازة، قال: أنا الإمام أبو طاهر أحمد بن محمد بن إبراهيم السلفي الأصبهاني، قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، قراءة علي في جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وأربعمائة بالكرخ، قال: أنا أبو الحسن محمد بن محمد بن علي الوراق، أنا أبو أحمد عبد السلام بن الحسين بن محمد بن عبد الله ابن طيفور، قال: قرأت على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن يعقوب المتوثي بالبصرة سنة أربع وأربعين وثلاثمائة على باب داره وكتبته من كتاب إملاء من أصله ثم قرأته بعد ذلك بعشر سنين عشية الجمعة لست ليال بقين من شعبان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة على أبي الحسين محمد بن محمد بن جعفر بن كنكك اللغوي على باب داره ولم يكن له أصل يرجع إليه فذكر أنه قد سمعه قالا: ثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا بن دينار (ق241ب) قثنا عبيد الله بن محمد يعني ابن عائشة، قال: حدثني أبي وغيره، قال: " حج هشام بن عبد الملك في زمن عبد الملك أو الوليد فطاف بالبيت فجهد أن يصلي إلى الحجر فيستلمه فلم يقدر عليه، فنصب له منبر، وجلس عليه ينظر إلى الناس إذ أقبل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، كرم الله وجوههم، وكان من أحسن الناس وجها وأطيبهم إرجا، فطاف بالبيت فكلما بلغ إلى الحجر تنحى له الناس حتى يستلمه فقال لهشام رجل من أهل الشام من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فقال هشام: لا أعرفه، مخافة أن يرغب فيه أهل الشام وكان الفرزدق حاضرا فقال الفرزدق: ولكني أعرفه، فقال الشامي من هو يا أبا فراس فقال الفرزدق:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
ينمى إلى ذروة العز التي قصرت ... عن نيلها عرب الإسلام والعجم
يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
يغضي حياء ويغضى من مهابته ... ولا يكلم إلا حين يبتسم "
من جده دان فضل الأنبياء له ... وفضل أمته دانت له الأمم
ينشق نور الهدى عن نور غرته ... كالشمس ينجاب عن إشرافها القتم
مشتقة من رسول الله نبعته ... طابت عناصره والخيم والشيم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ... بجده أنبياء الله قد ختموا
الله شرفه قدما وفضله ... جرى بذاك له في لوحه القلم
فليس قولك من هذا بضائره ... العرب تعرف ما أنكرت والعجم (ق242أ)
كلتا يديه غياث عم نفعهما ... تستوكفان ولا يعروهما عدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره ... يزينه اثنان حسن الخلق والكرم
حمال أثقال أقوام إذا فدحوا ... حلو الشمائل تحلو عنده نعم
لا يخلف الوعد مأمون نقيبته ... رحب الفناء أريب حين يعتزم
عم البرية بالإحسان فانقشعت ... عنها الغياية والإملاق والعدم
من معشر حبهم دين وبغضهم ... كفر وقربهم منجى ومعتصم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم ... أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم ... ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت ... والأسد أسد الشرى والبأس محتدم
لا ينقص العسر بسطا من أكفهم ... سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا
يستدفع السوء والبلوى بحبهم ... ويستزاد به الإحسان والنعم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم ... في كل بدء ومختوم به الكلم
يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم ... خيم كريم وأيد بالندى هضم
أي الخلائق ليست في رقابهم ... لأولية هذا أو له نعم
من يعرف الله يعرف أولية ذا ... والدين من بيت هذا ناله الأمم
قال: فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة والمدينة، وبلغ ذلك على بن الحسين رضي الله عنهما فبعث إلى الفرزدق باثنى عشر ألف درهم وقال أعذر أبا فراس فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به فردها الفرزدق وقال يا ابن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وما كنت لأزرأ عليه (ق242ب) شيئا فقال: شكر الله لك؛ غير أنا أهل البيت إذا أنقذنا أمرا لم نعد فيه فقبلها وجعل يهجو هشاما وهو في الحبس فكان مما هجاه به:
أتحبسني بين المدينة والتي ... إليها قلوب الناس يهوى منيبها
يقلب رأسا لم يكن رأس سيد ... وعينا له حولاء باد عيوبها.
فبعث إليه فأخرجه.
صفحه ۴۰