فوائد ذهبیه
الفوائد الذهبية من سير أعلام النبلاء جـ 2
ژانرها
قال: خرجت ليلة فإذا بتركي قد صاد امرأة مليحة، وهي تتمنع منه وتستغيث فأنكرت عليه فضربني، فلما صلي العشاء جمعت أصحابي، وجئت بابه فخرج في غلمانه وعرفني، فضربني وشجني، وحملت إلى بيتي فلما تنصف الليل قمت فأذنت في المنارة لكي يظن أن الفجر طلع فيخلي المرأة، لأنها قالت: زوجي حالف علي بالطلاق أنني لا أبيت عن بيتي فما نزلت حتى أحاط بي بدر وأعوانه فأدخلت على المعتضد فقال: ما هذا الأذان؟ فحدثته بالقصة فطلب التركي، وجهز المرأة إلى بيتها، وضرب التركي في جوالق حتى مات.
ثم قال لي: أنكر المنكر، وما جرى عليك فأذن كما أذنت، فدعوت له، وشاع الخبر، فما خاطبت أحدا في خصمه إلا أطاعني وخاف.
وعن وصيف الخادم قال: سمعت المعتضد يقول عند موته:
تمتع من الدنيا فإنك لا تبقى ... وخذ صفوها إن صفت ودع الرنقا
ولا تأمن الدهر إني أمنته ... فلم يبق لي حالا ولم يرع لي حقا
قتلت صناديد الرجال فلم أدع ... عدوا ولم أمهل على ظنه خلقا
وأخليت دور الملك من كل بازل ... وشتتهم غربا ومزقتهم شرقا
فلما بلغت النجم عزا ورفعة ... وجانت رقاب الخلق أجمع لي رقا
رماني الردى سهما فأخمد جمرتي ... فها أنا ذا في حفرتي عاجلا ملقى
فافسدت دنياي وديني سفاهة ... فمن ذا الذي مني بمصرعه أشقى
فيا ليت شعري بعد موتي ما أرى ... إلى رحمة لله أم ناره ألقى؟
صفحه ۹۹