قلت: أتئد.
ففكر، وقال: «نفتعل».
قلت: فهذه خمسة أحرف، فسكت.
فقال المتوكل: ما وزنها؟
قلت: وزنها في الأصل «نفتعل» لأنها «نكتيل» فتحرك حرف العلة، وانفتح ما قبله فقلب ألفا فصار نكتال، فحذفت ألفه للجزم فبقي «نكتل».
* * *
فتنة الزنج
عباس بن الفرج، العلامة الحافظ شيخ الأدب، أبو الفضل الرياشي النحوي (12/ 372).
قال ابن دريد: قتلته الزنج بالبصرة سنة سبع وخمسين ومائتين.
قلت: فتنة الزنج كانت عظيمة، وذلك أن بعض الشياطين الدهاة كان طرقيا أو مؤدبا له نظر في الشعر والأخبار، ويظهر من حاله الزندقة والمروق، ادعى أنه علوي ودعا إلى نفسه، فالتف عليه قطاع طريق، والعبيد السود من غلمان أهل البصرة، حتى صار في عدة وتحايلوا وحصلوا سيوفا وعصيا، ثم ثاروا على أطراف البلد، فبدعوا وقتلوا وقووا وانضم إليهم كل مجرم واستفحل الشر بهم فسار جيش من العراق لحربهم فكسروا الجيش، وأخذوا البصرة واستباحوها واشتد الخطب، وصار قائدهم الخبيث في جيش وأهبة كاملة، وعزم على أخذ بغداد، وبنى لنفسه مدينة عظيمة، وحار الخليفة المعتمد في نفسه ودام البلاء بهذا الخبيث المارق ثلاثة عشرة سنة وهابته الجيوش وجرت معه ملاحم ووقعات يطول شرحها قد ذكرها المؤرخون إلى أن قتل فالزنج هم عبارة عن عبيد البصرة الذين ثاروا معه لا بارك الله فيهم.
صفحه ۷۳