قلت: قول مثل هذا جائز لكنهم كانوا يكرهون فضول الكلام، واختلف العلماء في الكلام المباح، هل يكتبه الملكان، أم لا يكتبانه إلا المستحب الذي فيه أجر، والمذموم الذي فيه تبعه؟ والصحيح كتابة الجميع لعموم النص في قوله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} [ق: 18] ثم ليس إلى الملكين اطلاع على النيات والإخلاص، بل يكتبان النطق، وأمر السرائر الباعثة للنطق الله يتولاها.
* * *
الإنفاق علانية
محمد بن جعفر، الحافظ المجود ، الثبت غندر أبو عبد الله الهذلي أحد المتقنين (9/ 98).
قلت: ابن جريج هو الذي سماه غندرا وذلك لأنه تعنت ابن جريج في الأخذ، وشغب عليه أهل الحجاز، فقال: ما أنت إلا غندر.
عن يحيى بن معين قال: كان غندر يجلس على رأس المنارة يفرق زكاته، فقيل له: لما تفعل هذا؟
قال: أرغب الناس في إخراج الزكاة، فاشترى سمكا وقال لأهله، أصلحوه ونام فأكل عياله السمك ولطخوا يده.
فلما انتبه، قال: هاتوا السمك.
قالوا: قد أكلت.
فقال: لا.
قالوا: فشم يدك.
ففعل ثم قال: صدقتم ولكن ما شبعت.
وقال: صمت يوما فأكلت ثلاث مرات ناسيا ثم أتممت صومي.
صفحه ۸