ومنها قولهم: هو أكثرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى ونحو قولهم: زيدٌ أَعْقَلُ مِن أنْ يكذبَ وهو من مشكل التراكيب، فإنّ ظاهِرَهُ تفضيلُ الشيء في الأكثرية على الإِحصاء، وتفضيلُ زيدٍ في العقل على الكذب، وهذا لا معنى له، ونظائِرُهُ كثيرةٌ مشهورةٌ، وقَلَّ مَنْ تَنبَّهَ (١٠٧) لإِشكالها. وقد حَمَلَهُ بعضُهم (١٠٨) على أنّ (أنْ) المصدرية بمعنى (الذي)، وردّه في المغني (١٠٩) في الجهة الثالثة من الباب الخامس من الكتاب من أنّه (١١٠) لا يُعرَفُ قائل به، ووجّهه بتوجيهين نظر في كلٍّ منهما الدماميني في شرحه عليه (١١١)، ونقل عن الرضي (١١٢) (٩) وجهًا استحسنه فقال: قال الرَّضِيُّ: (وأَمّا نحو قولهم: (أنا أكبرُ مِنْ أَنْ أشعر) و(أَنْتَ أعظمُ مِنْ أنْ تقولَ كذا)، فليس المقصود تفضيل المتكلّم على الشِّعْر، والمخاطب على القول، بل المُراد: بُعدُهما عن الشعر والقول، و(أَفْعَلُ) التفضيل يُفيد بُعْدَ الفاضل من المفضول وتجاوزَه عنه، ف (مِنْ) في مثله ليست تفضيلية بل هي مثلها (١١٣) في قولك: (بِنتُ منه) (١١٤)، تعلّقت ب (أَفْعَل) التفضيل (١١٥) بمعنى: متجاوز، وبائن، بلا تفضيل. فمعنى [قولك] (١١٦): (أنتَ أَعَزُّ عليَّ