138

الفوائد

الفوائد

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

۱۳۹۳ ه.ق

محل انتشار

بيروت

ژانرها

عرفان
شُجَاع إِذا مَا أمكنتني فرْصَة ... فَإِن لم تكن لي فرْصَة فجبان والغيرة لَهَا حد إِذا جاوزته صَارَت تُهْمَة وظنا سَيِّئًا بالبريء وَإِن قصّرت عَنهُ كَانَت تغافلا ومبادىء دياثة وللتوضع حد إِذا جاوزه كَانَ ذلا ومهانة وَمن قصر عَنهُ انحرف إِلَى الْكبر وَالْفَخْر وللعز حد إِذا جاوزه كَانَ كبرا وخلقا مذموما وَإِن قصر عَنهُ انحرف إِلَى الذل والمهانة وَضَابِط هَذَا كُله الْعدْل وَهُوَ الْأَخْذ بالوسط الْمَوْضُوع بَين طرفِي الإفراط والتفريط وَعَلِيهِ بِنَاء مصَالح الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بل لَا تقوم مصلحَة الْبدن إِلَّا بِهِ فَإِنَّهُ مَتى خرج بعض أخلاطه عَن الْعدْل وجاوزه أَو نقص عَنهُ ذهب من صِحَّته وقوته بِحَسب ذَلِك وَكَذَلِكَ الْأَفْعَال الطبيعية كالنوم والسهر وَالْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع وَالْحَرَكَة والرياضة وَالْخلْوَة والمخالطة وَغير ذَلِك إِذا كَانَت وسطا بَين الطَّرفَيْنِ المذمومين كَانَت عدلا وَإِن انحرفت إِلَى أَحدهمَا كَانَت نقصا وأثمرت نقصا فَمن أشرف الْعُلُوم وأنفعها علم الْحُدُود وَلَا سِيمَا حُدُود الْمَشْرُوع الْمَأْمُور والمنهي فَأعْلم النَّاس أعلمهم بِتِلْكَ الْحُدُود حَتَّى لَا يدْخل فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا وَلَا يخرج مِنْهَا مَه هُوَ دَاخل فِيهَا قَالَ تَعَالَى الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وأجدر أَن لَا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُوله فأعدل النَّاس من قَامَ بحدود الْأَخْلَاق والأعمال والمشروعات معرفَة وفعلا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق فصل قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء ﵁ يَا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كَيفَ يغبنون بِهِ قيام الحمقى وصومهم والذرة من صَاحب تقوى أفضل من أَمْثَال الْجبَال عبَادَة من المغترّين وَهَذَا من جَوَاهِر الْكَلَام وأدله على كَمَال فقه الصَّحَابَة وتقدمهم على من بعدهمْ فِي كل خير ﵃ فَاعْلَم أَن العَبْد إِنَّمَا يقطع منَازِل السّير إِلَى الله بِقَلْبِه وهمته وَلَا بِبدنِهِ وَالتَّقوى فِي الْحَقِيقَة تقوى الْقُلُوب لَا تقوى الْجَوَارِح قَالَ تَعَالَى ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ

1 / 141