فاطمة الزهراء والفاطميون
فاطمة الزهراء والفاطميون
ژانرها
وقد كان الإمام جعفر الصادق وصى بالإمامة بعده لابنه الأكبر إسماعيل، ثم نحاه عنها ووصى بها لابنه موسى الكاظم، وقيل في أسباب ذلك: إنه علم أن إسماعيل يشرب الخمر، وقيل: إن إسماعيل مات في حياة أبيه فانتقلت ولاية العهد إلى أخيه.
أما الإسماعيليون فمذهبهم أن تحويل الولاية لا يجوز؛ لأن الولاية أمر من الله يتلقاه الإمام المعصوم، والبداء لا يجوز على الله، ويعنون بالبداء أن يبدو لله أمر فيعدل عما أمر به قبل ذلك.
ومن الإسماعيليين من ينفي موت إسماعيل في حياة أبيه، ويقولون: إنه شوهد بعد تاريخ الإشهاد على وفاته، وإنما أشهده أبوه على وفاته خوفا عليه من الغيلة ومن تربص الخلفاء العباسيين به، كما كانوا يصنعون بالعلويين المرشحين للدعوة، واستدلوا على هذا بالإشهاد على وفاته وتوقيع الشهود عليه؛ إذ لم تجر العادة بمثل هذا الإشهاد لولا الحيطة والتقية.
والخلاف بين الإسماعيليين وبين سائر الفاطميين قائم على إمامة إسماعيل، والإماميون الذين لا يسلمون الإمامة لإسماعيل وذريته طوائف متعددة، أهمها وأكبرها طائفة الإماميين المعروفين بالاثنى عشريين؛ لأنهم ينتهون بالإمامة إلى محمد المنتظر ابن الإمام حسن العسكري، وعندهم أنه سيظهر في زمانه الموعود؛ ولهذا يدعون بتعجيل فرجه كلما ذكروه.
ويتفق الإماميون على اعتقادهم عصمة الإمام في تبليغ شئون الإمامة؛ لأنه موئل السؤال والفتوى في أحكام الدين والدنيا؛ فلا يجوز الخطأ عليه في هذه الأحكام.
ويضيف الإسماعيليون إلى أسباب العصمة عقيدة التأويل، فإن أحكام الدين عندهم لها ظاهر وباطن، ولا يعلم تأويلها غير الله والراسخين في العلم، والأئمة هم الراسخون في العلم، وهم أولى الناس أن يعلموا ما ليس يعلمه المؤتمون.
ولهذا يسمى الإسماعيليون بالباطنيين، ومنهم من لا يقصر أمور الباطن على أحكام الدين وآيات الكتاب، بل يقولون: إن كل موجود على الأرض له نظير في الفلك الأعلى، وإن مقادير هذه الموجودات تابعة للمقادير التي تجري على نظرائها في السماء.
ولما استتر الأئمة شاع بينهم علم النجوم والرياضة والفلسفة على العموم، وكان الإماميون من عهد علي رضي الله عنه يؤمنون بإلهامه واطلاعه على أسرار كتاب الجفر وما إليه من كتب النجوم، ولكن الأئمة الإسماعيليين أمعنوا في دراسة هذه العلوم؛ لأنهم لاذوا بالخفاء في عهد انتشارها وازدهارها، وأصبح علمهم بالأسرار خاصة مطلوبا منهم فوق علمهم الراسخ بشئون الإمامة في الدنيا والدين، فإذا سأل السائلون عن أمر مستور فأولى الناس بعلمه الإمام المستور الذي يعلم مواطن السر والجهر ويتحين أوقات الفلك لإظهار ما خفي من أمور الدعوة وأمور الإمامة، وكل أمر ترتبط به مصالح العباد.
ودخل عدد الأئمة نفسه في خصائص الأعداد، فمن قديم الزمن يعتقد أصحاب النجوم سرا خاصا في عدد السبعة وعدد الاثني عشر، ويستشهدون على ذلك بعدد الأفلاك السبعة وعدد أيام الأسبوع وعدد فتحات الوجه، كما يستشهدون عليه بعدد الشهور وعدد البروج السماوية وعدد أسباط بني إسرائيل، وعلى هذا يدور الخلاف بين المهتمين بالتنجيم على عدد الأئمة؛ أهو سبعة أم اثنا عشر. ولكل منهم فيه كلام طويل.
وللإماميين فروق يبسطونها بين النبي والإمام والحجة والنقيب؛ فالنبي يبعث في زمان بعد زمان، والإمام قائم في كل زمان، وقد يكون الإمام إماما مستقرا فهو صاحب الحق في التوصية لخليفته من بعده، أو إماما مستودعا فهو يحمل أمانة لضرورة موقوتة، ثم يردها إلى صاحبها ولا حق له في التوصية لغيره. أما الحجة فهو لازم في الخفاء إذا كان الإمام ظاهرا في العلانية؛ لأن الإمام الظاهر عرضة للضرورات فلا بد معه من حجة يرجع إليها لاستبانة الحقائق بمعزل عن ضرورات السياسة، أما إذا استتر الإمام فلا بد له من حجة ظاهرة، وقد يسمون الإمام بالناطق أو بالصامت تبعا للظهور والخفاء والمجاهرة بالحكم والتأويل فيه.
صفحه نامشخص