فاطمة الزهراء والفاطميون
فاطمة الزهراء والفاطميون
ژانرها
ثم بنى بها عتيق بن عائذ بن عبد الله المخزومي، واختلفوا في أي زوجيها كان الأول، ولكنه على كل حال زواج لم يكتب له الدوام، وقد أعرضت عن الزواج بعد هذين الزوجين حتى عرض لها في حياتها الرجل الذي أصبحت بفضله علما من أعلام النساء في التاريخ، ولا شيء أدل على رجاحة لبها من أناتها
6
في اختيار زوجها، مع تهافت الخطاب عليها ورجوع الأمر إليها فيما تختار.
أما كيف اتصل النبي عليه السلام بالعمل في تجارتها، فتكاد الأقوال تتفق على أنه كان بمشورة من عمه أبي طالب، وأن أبا طالب قال له في سنة من السنين: «يا ابن أخي، أنا رجل لا مال لي وقد اشتد علينا الزمان، وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشام، وخديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك في عيرها فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك.» وقد تردد النبي في مفاتحتها بهذا الطلب فذهب إليها أبو طالب، فأجابته على رضى وكرامة، وقالت له: «لو سألت ذلك لبعيد بغيض لأجبناك، فكيف وقد سألت لقريب حبيب؟»
وقد سافر النبي إلى الشام وباع واشترى وربح لها أضعاف ما كانت تربح في كل عام، وأعجبها منه أنه حين عاد من السفر وكل إلى غلامها ميسرة - الذي كان بصحبته - أن يسبقه ليبشرها بعودة القافلة ووفرة كسبها، فأكبرت منه مروءته وأمانته وحذقه، وأحبته وودت لو يخطبها مع الخطاب، وعرضت له بذلك في حديث أقرب إلى التلميح منه إلى التصريح.
وأحجم النبي حياء، وأحجمت هي عن التصريح، ثم أوعزت إلى صديقة لها - هي نفيسة بنت منية - أن تشجعه على الخطبة، فسألته نفيسة ذات يوم: «ما يمنعك أن تتزوج؟» قال: «قلة المال». قالت: «فإن كفيت ودعيت إلى المال والجمال والكفاءة؟» قال: «ومن تكون؟» قالت: «خديجة!» قال: «فاذهبي فاخطبيها.»
وروى الزهري صاحب أقدم السير أن «رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال لشريكه الذي كان يتجر معه في مال خديجة: «هلم فلنتحدث عند خديجة»، وكانت تكرمهما وتتحفهما، فلما قاما من عندها جاءت امرأة مستنشئة
7 - هي الكاهنة - فقالت له: جئت خاطبا يا محمد؟ فقال: «كلا». فقالت: ولم؟ فوالله ما في قريش امرأة - وإن كانت خديجة - إلا تراك كفؤا لها.»
صفحه نامشخص