الدلالات. قالوا: دون مقبرة ربنا نموت، وعلى خوف فوتها منا نفوت، وعنها ندافع، وعليها نقارع. وما لنا لا نقاتل! وكيف لا ننازع ولا ننازل! ولأي معنى نتركهم حتى يأخذوا! وندعهم حتى يستخلصوا ما استخلصناه منهم ويستنفذوا!.
وتأهبوا وتباهوا، وما انتهوا بل تناهوا. ونصبوا المجانيق أمات الاسواء على الأسوار. وستروا بظلمات الستائر وجوه الأنوار. واستشاطت شياطينهم، وسرحت سراحينهم، وطغت طواغيتهم، واصلتت مصاليتهم، ونشرت طواميرهم، وتسعرت مساعيرهم. وهاج هائجهم، وماج مائجهم، ودعت دواعيهم، وعدت عواديهم، وسعت أفاعيهم.
وحضتهم قسوسهم، وحرضتهم رءوسهم، وحركتهم نفوسهم، وجاءتهم بجوى السوء جواسيسهم. وأخبرتهم بإقبال العساكر الناصرية منصورة الجنود، منشورة البنود، موصولة القواطع بالاشاجع، مهجورة الغمود. مشهورة القواضب، مشهودة الكتائب. مقودة الضوامر إلى ثار العدا. موقدة الضمائر بنار الهدى. مشبوبة العزائم، مجنوبة الصلادم. مسلولة الظبا، مطلولة الربا. مجنونة أجنة اغمادها، مسنونة أسنة صعادها. مطلقة جيادها، محققة مظنة طرادها.
قد سالت الوهاد بآكامها، وجالت الأعلام في أعلامها. وسدت الفجاج أفواجها،
ومدت العجاج أمواجها، وحجبت الغزالة عقبانها، والهبت الذبالة خرصانها. وجرت بالجبال رياحها، وجرت كالحبال رماحها، واشتمل على الضراغم غيلها. واقبل بالعظائم قبيلها.
ووافى كل واف بعهد ربه، كاف لكف خطبه، شاف لهم قلبه، ضاف بفيض شربه، خاف في لبوسه، ناف لبوسه، باسل بباسه، عاسل بأمراسه، ناسل بنت الغمد من جفنه، غاسل نبت الحد بدم قرنه. واصل بيض الهند بسواعده، فاصل خطاب الخطوب ببوارقه ورواعده. حاد بجده، جاد بحده.
وكل شاب بنار الحرب شاب، ورب دين لدين الرب راب، وكل جيش كالبحر عباب. وكل سال ذي ذباب عن الهدى ذاب. وكل قائل بالآخرة للحياة الدنيا قال، سائل من الله الشهادة عن حب البقاء سال مائل في سبيل الله إلى إنفاق مال.
وأقبل السلطان بإقبال سلطانه، وأبطال شجعانه، وأقيال أولاده وإخوانه. وأشبال مماليكه وغلمانه. وكرام أمرائه، وعظام أوليائه. في مقانب بالمناقب مقنبة، وكتائب بالمواكب مكتبة. وذوابل بالكواكب منصلة، وجحافل بمضاء المضارب محفلة. وألوية صفر للاواء بني الأصفر. بيض وسمر تزرق زرق العدا من الموت الأحمر. وقباب وقبائل، وقنا وقنابل، وصوافن وصواهل، وعوامل وعواسل. وفوارس فوارس، وكل من يبذل للشح بدينه النفوس والنفائس. واصبح يسأل عن الأقصى وطريقه الأدنى وفريقه الاسنى. ويذكر ما يفتح الله عليه بحسن فتحه من الحسنى.
1 / 68