فتح العلي المالك

Muhammad Alish d. 1299 AH
115

فتح العلي المالك

فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك

ناشر

دار المعرفة

شماره نسخه

بدون طبعة وبدون تاريخ

ژانرها

فتواه‌ها
وَأَدْنَى ضَرَرِهِ إفْسَادُهُ الْعَقْلَ وَالْبَدَنَ وَتَلْوِيثَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ الْمَأْمُورِ بِتَنْقِيَتِهَا شَرْعًا وَعَادَةً وَمُرُوءَةً كَمَا يُلَوِّثُ آلَةَ شُرْبِهِ. وَالظَّاهِرُ عِنْوَانُ الْبَاطِنِ وَاسْتِعْمَالُ الْمُضِرِّ حَرَامٌ كَمَا فِي الْبَابِ الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ كِتَابِ الِاحْتِسَابِ وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ مِنْ مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَطْبَقَ الْأَطِبَّاءُ عَلَى أَنَّ أَصْنَافَ الدُّخَانِ مُجَفَّفَةٌ، وَنَصَّ الْقَانُونَ وَأَصْنَافُ جَمِيعِ الدُّخَانِ مُجَفَّفَةٌ بِجَوْهَرِهِ الْأَرْضِيِّ وَفِيهِ نَارِيَّةٌ مَشُوبَةٌ بِجَوْهَرَةِ النَّارِيِّ وَلِذَا يُطْلَبُ الْعُلُوُّ مَا دَامَ مُخْتَلِطًا بِالْأَجْزَاءِ النَّارِيَّةِ اهـ. فَإِذَا كَانَ مُجَفَّفًا لِلرُّطُوبَاتِ الْبَدَنِيَّةِ فَقَدْ أَدَّى إلَى حُصُولِ أَمْرَاضٍ كَثِيرَةٍ وَاحْتِرَاقِ الْكَبِدِ وَالدِّمَاغِ وَالْقَلْبِ وَيَتْبَعُهَا فِي ذَلِكَ سَائِرُ الْبَدَنِ فَهُوَ سَبَبٌ عَادِيٌّ لِلْهَلَاكِ بِإِرَادَةِ اللَّهِ ﷾: أَبُو عَلِيِّ بْنُ سِينَا لَوْلَا الدُّخَانُ وَالْقَتَامُ لَعَاشَ ابْنُ آدَمَ أَلْفَ عَامٍ. فَإِنْ قِيلَ عَالَجَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ بَعْضَ الْأَمْرَاضِ بِدُخَانِ الزنجفرة وَشُوهِدَ نَفْعُهُ فَلَا يَتِمُّ مَنْعُ اسْتِعْمَالِ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الدُّخَانِ وَلَا أَنَّهَا مُجَفَّفَةٌ مُهْلِكَةٌ قُلْنَا لَا غَرَضَ فِي الْعُمُومِ عَلَى أَنَّهُمْ يُعَالِجُونَ بِهِ لَحْظَةً لَطِيفَةً مَعَ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْفَمِ وَالْأَنْفِ أَشَدَّ الْحَيْلُولَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ زَعَمَ اسْتِعْمَالَهُ تَدَاوِيًا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ اسْتِعْمَالَ الْأَدْوِيَةِ، وَخَرَجَ بِهِ إلَى حَدِّ التَّفَكُّهِ وَالتَّلَذُّذِ وَادَّعَى التَّدَاوِي تَلْبِيسًا وَتَسَتُّرًا حَتَّى وَصَلَ بِهِ إلَى أَغْرَاضِ بَاطِنِهِ مِنْ الْعَبَثِ وَاللَّهْوِ وَالْإِسْطَالِ وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ حُرْمَتُهَا وَعَرَّفُوا الْعَبَثَ بِأَنَّهُ فِعْلٌ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ وَالسَّفَهَ بِأَنَّهُ فِعْلٌ لَا غَرَضَ فِيهِ أَصْلًا وَاللَّعِبُ فِعْلٌ فِيهِ لَذَّةٌ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِحُرْمَةِ الْعَبَثِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ صَاحِبُ كِتَابِ الِاحْتِسَابِ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مُتَمَسِّكًا بِقَوْلِهِ ﷾ ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾ [المؤمنون: ١١٥] وَصَاحِبُ الْكَافِي مُتَمَسِّكًا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ «كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُوهُ الْمُؤْمِنُ حَرَامٌ إلَّا لَهْوَهُ بِعُرْسِهِ وَسَهْمِهِ وَفَرَسِهِ»، وَمِنْ قَبَائِحِ الدُّخَانِ شَغْلُهُ عَنْ الصَّلَوَاتِ وَالْخَيْرَاتِ وَالْعِبَادَاتِ مَعَ نَتِنِ رِيحِهِ وَأَذِيَّتِهِ لِشَامِّيهِ الَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَهُ انْتَهَى. مَا انْتَقَيْنَاهُ مِنْ تِلْكَ الرِّسَالَةِ الَّتِي زَعَمَ نَاقِلُهَا أَنَّهُ نَادَى الْمَلِكَ بِهَا فِي مَدِينَتِهِ وَكَتَبَ بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا إلَى نُوَّابِهِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَأَمَرَهُمْ بِزَجْرِ النَّاسِ عَنْهُ وَحَرْقِهِ فِي سَائِرِ الْأَقْطَارِ وَالْأَمْصَارِ. وَأَقُولُ لَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ وَتَلَاهِي الْمُتْرَفِينَ وَالشَّيْطَانُ وَالنَّفْسُ لَهُمَا دَسَائِسُ وَوَسَاوِسُ فِي الْعِبَادَاتِ وَصُوَرِ الْخَيْرَاتِ فَكَيْفَ فِي الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ قَالَ اللَّهُ ﷾ ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١] وَاَلَّذِي يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ التَّعْوِيلُ فِي الْمَسَائِلِ عَلَيْهِ وَيَدَّخِرُهُ النَّجَاةُ مِنْ سُوءِ الْحِسَابِ وَشِدَّةِ الْعَذَابِ وَأَنْ يَمِيلَ بِقَلْبِهِ إلَيْهِ إذَا خَلَا مِنْ التَّعَصُّبِ وَالِاعْتِسَافِ وَطَلَبِ الْحَقِّ وَالْإِنْصَافِ أَنْ يَقُولَ فِيهِ بِالتَّفْصِيلِ وَلَا يَتَسَاهَلُ فِي اسْتِعْمَالِ مُسْتَعْمِلِيهِ بِالتَّأْوِيلِ فَقَدْ أَخْبَرَنِي ثِقَاتُ التُّجَّارِ وَالْفُقَهَاءُ وَالصُّلَحَاءُ وَالصُّوفِيَّةُ وَالْعُلَمَاءُ الَّذِينَ طَافُوا فِي الْأَقْطَارِ وَرَكِبُوا الْبِحَارَ وَخَاضُوا فِي الْأَسْفَارِ

1 / 119