فما بكيت ليوم منك أسخطني ... إلا بكيت عليه بعدما ذهبا
وقول الآخر:
ربّ يوم بكيت منه فلما ... صرت في غيره بكيت عليه
وهذان المعنيان بينهما بعد المشرقين كما ترى، أما (معنى) بيت المتنبي فما قد مضى القول فيه ومعنى البيتين اللذين زعم إنه أخذه منهما أني كنت أشكو من الحبيب أحوالا، وأنقم منه ذنوبًا فلما صرت فيما هو أشد منهما من بعده عني، وفراقه لي صرت أبكي على تلك الأيام التي كنت أبكي منها لأنها كانت تهون مع قربه مني. ثم قال القاضي أيضًا وأخذه من قول عبد الله بن محمد المهلبي
زكم مدرك أمنية كان داؤه ... بإدراكها والغيب عنه محجب
وهذا لعمري معنى بيت المتنبي الذي قدمنا ذكره. وهذا أيضًا من جناية العجلة وهو بعد أجل من أن يخفى عليه لو تأمل.
وقوله:
وللخلود مني ساعة ثم بيننا ... فلاة إلى غير اللقاء تجاب
قال الشيخ أبو الفتح في تفسير هذا البيت: يقول: إنما اجتمع مع المرأة ساعة وباقي دهري للفلاة والمهامة. وترك شرح ما الناس إليه أحوج. وفي البيت خبء غامض نحب الدلالة عليه لئلا يتوهم سواه متوهم فيزل. قوله: تجاب ليس من الجواب. وكيف يكون منه وقد مضى في هذه القصيدة: