فنزل كلام الأب مرتين بردا وسلاما على رودريك، ولم يسع الكاتب إلا العمل بالإشارة؛ لأن للملك الحق في بدء الجلسة وإنهائها دون سواه. ولم يكترث أوباس بذلك بعد أن قال ما قاله ولو بالتلميح، ثم وقف رئيس الأساقفة فتلا الصلاة الختامية.
وانفضت الجلسة فخرجوا إلى منازلهم إلا أوباس فإنهم ساقوه تحت الحراسة إلى مخفر آخر، وأوصوا الحراس أن يشددوا عليه الرقابة.
ألفونس ويعقوب
فلنتركه وشأنه ولنعد إلى ألفونس وما كان من أمره بعد ذهابه بأمر الملك، فقد خرج من منزله ومعه يعقوب، وسارا إلى مقر المعسكر في بناء كبير بضواحي طليطلة وحولهما الفرسان الذين جاءوا بأمر الملك فأوصلوهما إلى المعسكر وعادوا.
فلما دخل ألفونس استقبله الجند بالاحترام فترجل ومشى، ويعقوب يسير بين يديه وليس معه من الخدم سواه، وقد استغربوا منظره بما ذكرناه من إهماله لحيته وثيابه، حتى وصلوا إلى غرفة خاصة بالقائد الكبير، فإذا بخادم واقف هناك وبيده كتاب عرف ألفونس من منظره الخارجي أنه من الملك، فخفق قلبه لفرط ما غاظه الكتاب الماضي، فدخل ولم يطلبه حتى جلس في صدر الحجرة، فاستأذن الرسول من يعقوب في الدخول على ألفونس، فلما أبلغ يعقوب ذلك لألفونس قال له: «لا حاجة إلى دخوله، هات الكتاب منه.» فأخذه منه وجاء به إلى ألفونس وهو يقول: «لا تغضب يا مولاي، لعل فيه أمرا بالرجوع إلى منزلك .»
فتناول ألفونس الكتاب وهو صامت، ثم فضه فإذا هو من الملك يقول فيه:
من رودريك ملك القوط إلى القائد الباسل ألفونس
أما بعد، فقد سبق أن كتبنا إليك بالذهاب إلى كونتية، ولم نعين لك المدينة التي تنزل فيها، فانزل مدينة أستجة
Astigia
من كونتية بتيكة وأقم برجالك في إحدى القلاع ريثما أكتب إليك عن الجهة التي تذهب إليها. وقد أرسلت إليك مع هذا كتابا تدفعه إلى كونت بتيكة ليتلقاك بالترحاب ويمدك بالمال عند الحاجة. والسلام.
صفحه نامشخص