Fath al-Wahhab bi-Sharh Manhaj al-Tullab
فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب
ناشر
دار الفكر
ویراست
الأولى
سال انتشار
۱۴۱۸ ه.ق
محل انتشار
بيروت
ژانرها
فقه شافعی
فَصْلٌ:
مِنْ الْمُنْهِي مَا لَا يَبْطُلُ بِالنَّهْيِ كبيع حاضر لباد قدم بما تعم حاجة إليه لِيَبِيعَهُ حَالًّا فَيَقُولُ الْحَاضِرُ اُتْرُكْهُ لِأَبِيعَهُ تَدْرِيجًا بأغلى وتلقى ركبان اشترى منهم بغير طلبهم متاعا قبل قدومهم ومعرفتهم بالسعر وخيروا إن عرفوا الغبن.
ــ
" وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ دَابَّةٍ " مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ " وَحَمْلَهَا " لِجَعْلِهِ الْحَمْلَ الْمَجْهُولَ مَبِيعًا بِخِلَافِ بَيْعِهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا حَامِلًا لِأَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ الْحَامِلِيَّةَ وَصْفًا تَابِعًا " أَوْ " بَيْعِ " أَحَدِهِمَا " أَمَّا بَيْعُهَا دُونَ حَمْلِهَا فَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يُسْتَثْنَى كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ وَأَمَّا عَكْسُهُ فَلِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ " كَبَيْعِ حَامِلٍ بِحُرٍّ " فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاسْتُشْكِلَ بِصِحَّةِ بَيْعِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لا تدخل فكأنه استثناها ويجاب بِأَنَّ الْحَمْلَ أَشَدُّ اتِّصَالًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ جَوَازِ إفْرَادِهَا بِالْعَقْدِ بِخِلَافِهِ فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا شَرْعًا دُونَهُ " وَيَدْخُلُ حَمْلُ دَابَّةِ " مَمْلُوكٍ لِمَالِكِهَا " فِي بَيْعِهَا مُطْلَقًا " عَنْ ذِكْرِهِ مَعَهَا ثُبُوتًا وَنَفْيًا تَبَعًا لَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لِمَالِكِهَا لم يصح البيع.
فَصْلٌ: فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا.
" مِنْ الْمَنْهِيِّ " عَنْهُ " مَا لَا يَبْطُلُ بِالنَّهْيِ " عَنْهُ لِمَعْنًى اقْتَرَنَ بِهِ لَا لِذَاتِهِ أَوْ لَازِمِهِ " كبيع حاضر لباد " بِأَنْ " قَدِمَ " الْبَادِي " بِمَا تَعُمُّ حَاجَةٌ " أَيْ حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ " إلَيْهِ " كَالطَّعَامِ وَإِنْ لَمْ يظهر ببيعه سعة بِالْبَلَدِ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِعُمُومِ وُجُودِهِ وَرُخْصِ السِّعْرِ أَوْ لِكِبَرِ الْبَلَدِ " لِيَبِيعَهُ حَالًّا فَيَقُولُ الْحَاضِرُ اُتْرُكْهُ لِأَبِيعَهُ تَدْرِيجًا " أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا " بِأَغْلَى " مِنْ بَيْعِهِ حَالًّا فَيُجِيبُهُ لِذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: "لا يبع حاضر لباد" زاد مسلم: "دعو النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ" وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَدَأَهُ الْبَادِي بِذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَتْرُكُهُ عِنْدَك لِتَبِيعَهُ تَدْرِيجًا أَوْ انْتَفَى عُمُومُ الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَأَنْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ إلَّا نَادِرًا أَوْ عَمَّتْ وَقَصَدَ الْبَادِي بَيْعَهُ تَدْرِيجًا فَسَأَلَهُ الْحَاضِرُ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ أَوْ قَصَدَ بَيْعَهُ حَالًّا فَقَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ كَذَلِكَ فَلَا يُحَرَّمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَنْعِ الْمَالِكِ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ وَالنَّهْيُ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا يَأْتِي فِي بَقِيَّةِ الْفَصْلِ لِلتَّحْرِيمِ فَيَأْثَمُ بِارْتِكَابِهِ الْعَالِمُ بِهِ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ لِمَا مَرَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْقَفَّالُ وَالْإِثْمُ عَلَى الْبَلَدِيِّ دُونَ الْبَدْوِيِّ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي انْتَهَى وَالْبَادِي سَاكِنُ الْبَادِيَةِ وَالْحَاضِرُ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْمَدَنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ وَهُوَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ وَذَلِكَ خِلَافُ الْبَادِيَةِ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا بَدَوِيٌّ وَإِلَى الْحَاضِرَةِ حَضَرِيٌّ وَالتَّعْبِيرُ بِالْحَاضِرِ وَالْبَادِي جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ أَيُّ شَخْصٍ كَانَ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِكَوْنِ الْقَادِمِ غَرِيبًا وَلَا بِكَوْنِ الْمَتَاعِ عِنْدَ الْحَاضِرِ وَإِنْ قَيَّدَ بِهِمَا الْأَصْلُ.
" وَتَلَقِّي رُكْبَانٍ " بِأَنْ " اشْتَرَى " شَخْصٌ " مِنْهُمْ بِغَيْرِ طَلَبِهِمْ " هو مِنْ زِيَادَتِي " مَتَاعًا قَبْلَ قُدُومِهِمْ " الْبَلَدَ مَثَلًا " وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسِّعْرِ " الْمُشْعِرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ اشْتَرَى بِدُونِ السِّعْرِ الْمُقْتَضِي ذَلِكَ لِلْغَبْنِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّي كَأَنْ خَرَجَ لِنَحْوِ صَيْدٍ فَرَآهُمْ وَاشْتَرَى منهم وما عبرت به أعم مما عبر بِهِ " وَخُيِّرُوا " فَوْرًا " إنْ عَرَفُوا الْغَبْنَ " لِخَبَرِ الصحيحين: " لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ " وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: "لَا تَلَقَّوْا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الأسواق فمن لقاها فصاحب السلعة بالخيار" أما كَوْنُهُ عَلَى الْفَوْرِ فَقِيَاسًا عَلَى خِيَارِ الْعَيْبِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ احْتِمَالُ غَبْنِهِمْ سَوَاءٌ أَخْبَرَ الْمُشْتَرِيَ كَاذِبًا أَمْ لَمْ يُخْبِرْ فَإِنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِطَلَبِهِمْ أَوْ بِغَيْرِ طَلَبِهِمْ لَكِنْ بَعْدَ قُدُومِهِمْ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ بِالسِّعْرِ أَوْ قَبْلَهَا وَاشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ فَلَا تَحْرِيمَ لِانْتِفَاءِ التَّغْرِيرِ وَلَا خِيَارَ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى السَّابِقِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفُوا الْغَبْنَ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ وَعَادَ إلَى مَا بَاعُوا بِهِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْخِيَارُ وَجْهَانِ مَنْشَؤُهُمَا اعْتِبَارُ الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ وَكَلَامُ الشَّاشِيِّ يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِمْرَارِهِ وَالْأَوْجَهُ اسْتِمْرَارُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَمَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالرُّكْبَانُ جَمْعُ رَاكِبٍ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ الْقَادِمُ وَلَوْ وَاحِدًا أو ماشيا.
1 / 196