Fath al-Qadir ala al-Hidaya
فتح القدير على الهداية
ناشر
دار الفكر
شماره نسخه
الثانية
محل انتشار
بيروت
ژانرها
فرع مرارة كل شيء كبوله واجتراره كسر قينه قال في التجنيس لأنه واراه جوفه ألا ترى أن ما يواري جوف الإنسان بأن كان ماء ثم قاءه فحكمه حكم بوله اه وهو يقتضي أنه كذلك وإن قاء من ساعته وقدمنا في النواقض عن الحسن ما هو الأحسن فارجع إليه وقد صححه بعد قريب ورقة فقال في الصبي ارتضع ثم قاء فأصاب ثياب الأم إن زاد على الدرهم منع قال وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا يمنع ما لم يفحش لأنه لم يتغير من كل وجه فكان نجاسته دون نجاسة البول بخلاف المرارة لأنها متغيرة من كل وجه كذا في غريب الرواية عن أبي حنيفة وهو الصحيح وفيه ما ذكرنا قوله وإن أصابه بول الفرس مر محمد على أصله وكذا أبو يوسف وأما عند أبي حنيفة فالتخفيف للتعارض وهو بين قوله استنزهوا البول وحديث العرنيين في بعض متناولاته بناء على أن لحم الفرس طاهر وحرمته لكرامته لا لنجاسته وحديث العرنيين يعارض استنزهوا البول في بعض متناولاته وهو الحيوان المأكول والمفهوم من طهارته بوله كونه طاهر اللحم إذ لا أثر للأكل في ذلك إلا بواسطته فصار هو المعتبر دون كونه مأكولا إلا ما أخرجه الدليل كالآدمي فإنه طاهر اللحم ونجس البول والفرس كذلك قوله فقد قيل الخ يعني اختلف المشايخ في أن قولهما بجواز الصلاة بناء على طهارة خرء الطيور المحرمة أو على التقدير فيه بالفاحش فقال الكرخي لطهارته عندهما وقال الهندواني لخفته واتفقوا على أنه نجس مغلظ عند محمد ثم الواقع أن أبا يوسف مع أبي حنيفة على رواية الكرخي ومع محمد على رواية الهندواني والمفهوم من الهداية أنه مع أبي حنيفة في الروايتين وليس كذلك فتحصل عن أبي حنيفة روايتان رواية الهندواني خفيف ورواية الكرخي طاهر وعن أبي يوسف رحمه الله روايتان رواية الهندواني غليظ ورواية الكرخي طاهر وعن محمد رحمه الله غليظ رواية واحدة وجعل المصنف الأصح التخفيف بناء على أن الضرورة فيه لا تؤثر أكثر من ذلك فإنه قلما يصل إلى أن يفحش فيكفي تخفيفه قوله هو يقول أي محمد قوله قيل يفسده وقيل لا يفسده الأول بناء على أنه نجس خفيف أو غليظ وإمكان الإحتراز بتخميرها إذ هو معتاد فلا يتحقق فيه ضرورة بل تفريط بخلاف الثوب والبدن وأما الثاني فيمكن كونه بناء على الطهارة أو على سقوط حكم النجاسة مع قيامها للضرورة كما قال أبو يوسف رحمه الله في شعر الخنزير حتى لو وقع في الماء أفسده مع إطلاق الإنتفاع به للخزازين للضرورة وقد تظهر أولوية الأول لما قلنا فإن قلت ما الفرق لمحمد بين خرء الطيور المحرمة وبول الهرة التي تعتاد البول على الناس حيث روى عنه فيه أنه طاهر فالجواب كأنه بنى نجاسة الخرء على عدم الضرورة إذ قد يصيب الناس وقد لا يصيب بل قلنا يشاهد مصاب بخلاف ذلك السنور فإن الضرورة فيه متحققة وهما بنيا قيام الضرورة على عدم قدرة الإحتراز عنه هذا إن صحت هذه الرواية وإلا ففي التجنيس بال السنور في البئر نزح كله لأن بوله نجس باتفاق الروايات ولذا لو أصاب الثوب أفسده لكن الحق صحتها وحمل الروايات على الروايات الطاهرة أو مطلقا والمراد السنور الذي لا يعتاد البول على الناس وإلا فقد حكى هو في موضع آخر من التجنيس اختلاف المشايخ فيما إذا بال على الثوب وفي الخلاصة إذا بالت الهرة في الإناء أو على ثوب تنجس وكذا بول الفأرة وقال الفقيه أبو جعفر ينجس الإناء دون الثوب اه وهو حسن لعادة تخمير الأواني هذا وبول الفأرة في رواية لا بأس به والمشايخ على أنه نجس لخفة الضرورة بخلاف خرئها فإن فيه ضرورة في الحنطة فقالوا إذا وقع فيها فطحنت جاز أكل الدقيق ما لم يظهر أثر الخرء فيه طعما ونحوه وفي الإيضاح بول الخفافيش وخرؤها ليس بشيء اه وفي فتاوى قاضيخان بول الهرة والفأرة وخرؤهما نجس في أظهر الروايات يفسد الماء والثوب وبول الخفاش وخرؤه لا يفسد لتعذر الإحتراز عنه ودم البق والبراغيث ليس بشيء ودم الحلمة والأوزاغ نجس قوله مثل رءوس الإبر ليس بشيء يشير إلى أنه لو كان مثل رءوس المسلة منع وقال الهندواني يدل على أنه لو كان مثل الجانب الآخر اعتبر وغيره من المشايخ لا يعتبر الجانبين دفعا للحرج وما لم يعتبر إذا أصابه ماء فكثر لا يجب غسله وفي المجتبى في نوادر المعلى لو انتضح ويرى أثره لا بد من غسله اه وقالوا لو ألقى عذرة أو بولا في ماء فانتضخ عليه ماء من وقعها لا ينجس ما لم يظهر لون النجاسة أو يعلم أنه البول وما ترشش على الغاسل من غسالة الميت مما لا يمكنه الإمتناع عنه ما دام في علاجه لا ينجسه لعموم البلوى بخلاف الغسالات الثلاث إذا استنقعت في موضع فأصابت شيئا نجسته أما الماء الثالث وحده فعلى الخلاف السابق أول الباب قوله إلا أن يبقى من أثرها ما يشق أي لونها أو ريحها ما يحتاج فيه إلى استعمال غير الماء كالصابون والأشنان وعلى هذا قالوا لو صبغ ثوبه أو يده بصبغ أو حناء نجسين فغسل إلى أن صفا الماء يطهر مع قيام اللون وقيل يغسل بعد ذلك ثلاثا وأما الطهارة لو غسل يده من دهن نجس مع بقاء أثره فإنما علله في التجنيس بأن الدهن يطهر قال فبقي على يده طاهرا كما روى عن أبي يوسف في الدهن ينجس يجعل في إناء ثم يصب عليه الماء فيعلو الدهن فيرفع بشيء هكذا يفعل ثلاثا فيطهر انتهى وتطهير العسل النجس على قوله أن يصب عليه ماء فيغلي حتى يعود إلى القدر الأول ثلاثا فيطهر وقد يشكل على الحكم المذكور ما في التجنيس حب فيه خمر غسل لثلاثا يطهر إذا لم تبق فيه رائحة الخمر لأنه لم يبق فيه أثرها فإن بقيت رائحتها لا يجوز أن يجعل فيه من المائعات سوى الخل لأنه بجعله فيه يطهر وإن لم يغسل لأن ما فيه من الخمر يتخلل بالخل إلا أن آخر كلامه أفاد أن بقاء رائحتها فيه بقيام بعض أجزائها وعلى هذا قد يقال في كل ما بقي فيه رائحة كذلك وفي الخلاصة الكوز إذا كان فيه خمر تطهيره أن يجعل فيه الماء ثلاث مرات كل مرة ساعة وإن كان جديدا عند أبي يوسف يطهر وعند محمد لا يطهر أبدا انتهى من غير تفصيل بين بقاء الرائحة أولا والتفصيل أحوط قوله وفيه كلام أي للمشايخ فمنهم من قال يغسل بعد زوال العين ثلاثا إلحاقا له بعدها بنجاسة غير مرئية وعن الفقيه أبي جعفر مرتين كغير مرئية غسلت مرة وقيل إذا ذهب العين والأثر بمرة لا يغسل وهو أقيس لأن نجاسة المحل بمجاورة العين وقد زالت وحديث المستيقظ من منامه في غير المرئية ضرورة أنه مأمور لتوهم النجاسة ولذا كان مندوبا ولو كانت مرئية كانت محققة وكان حكمه الوجوب قوله في ظاهر الرواية احتراز عما روى عن محمد من الإكتفاء بالعصر في المرة الأخيرة وتعتبر قوة كل عاصر حتى إذا انقطع تقاطره بعصره ثم قطر بعصر رجل آخر أو دونه يحكم بطهارته ثم هذا مقتصر على ما يعصر ومخصوص منه أيضا أما الثاني فقال أبو يوسف في إزار الحمام إذا صب عليه ماء كثير وهو عليه يطهر بلا عصر حتى ذكر عن الحلواني لو كانت النجاسة دما أو بولا وصب عليه الماء كفاه على قياس قول أبي يوسف في إزار الحمام لكن لا يخفى أن ذلك لضرورة ستر العورة فلا يلحق به غيره وتترك الروايات الظاهرة فيه وقالوا في البساط النجس إذا جعل في نهر ليلة طهر وفي خف بطانته كرباس دخل في خروقه ماء نجس فغسل الخف ودلكه باليد ثم ملأه ماء ثلاثا وأراقه إلا أنه لم يتهيأ له عصر الكرباس طهر كالبساط وأما الأول فلا يخلو كون المتنجس مما تتداخله النجاسة أولا ففي الثاني يغسل ويجفف في كل مرة وهو بذهاب الندوة قالوا في الجلد والخف والمكعب والجرموق إذا أمر الماء عليه ثلاثا وجفف كل مرة طهر وقيل لا يحتاج إلى تجفيف وقيل الأحوط وقال المصنف في الآجر المستعمل القديم يكفيه الغسل ثلاثا بدفعة واحدة وكذا الخزفة القديمة المستعملة وينبغي تقييدها بما إذا تنجست وهي رطبة أما لو تركت بعد الإستعمال حتى جفت فإنها كالجديدة لأنه يشاهد اجتذابها حتى يظهر من ظاهرها وكذا حصير تنجس برطبة يجري عليها الماء إلى أن يتوهم زوالها لأنه لا طريق سواه وإجراء الماء قد يقوم مقام العصر فإن كانت يابسة فلا بد من الدلك وهذا محمول على الحصير الصقيلة كأكثر حصر مصر كما في بعض نسخ الواقعات في البوريا من القصب يغسل ثلاثا فيطهر بلا خلاف أما الجديدة المتخذة مما يتشرب فسيأتي وفي الأول فلا تطهر عند محمد أبدا وتطهر عند أبي يوسف كالخزفة الجديدة والخشبة الجديدة والبردى والجلد دبغ بنجس والحنطة انتفخت من النجاسة فعند أبي حنيفة وأبي يوسف يغسل ثلاثا ويجفف في كل مرة على ما ذكرنا وقيل في الأخيرة فقط والسكين المموة بماء نجس يموه ثلاثا بطاهر واللحم وقع في مرقه نجاسة حال الغليان يغلي ثلاثا فيطهر وقيل لا يطهر وفي غير حالة الغليان يغسل ثلاثا كذا في الظهيرية والمرقة لا خير فيها إلا أن تكون تلك النجاسة خمرا فإنه إذا صب فيها خل حتى صارت كالخل حامضة طهرت وفي التجنيس طبخت الحنطة في الخمر قال أبو يوسف تطبخ ثلاثا بالماء وتجفف كل مرة وكذا اللحم وقال أبو حنيفة إذا طبخت في الخمر لا تطهر أبدا وبه يفتى انتهى والكل عند محمد لا تطهر أبدا ولو ألقيت دجاجة حالة الغليان في الماء قبل أن يشق بطنها لتنتف أو كرش قبل الغسل لا يطهر أبدا لكن على قول أبي يوسف يجب أن تطهر على قانون ما تقدم في اللحم قلت وهو سبحانه أعلم هو معلل بتشربهما النجاسة المتحللة في اللحم بواسطة الغليان وعلى هذا اشتهر أن اللحم السميط بمصر نجس لا يطهر لكن العلة المذكورة لا تثبت حتى يصل الماء إلى حد الغليان ويمكث فيه اللحم بعد ذلك زمانا يقع في مثله التشرب والدخول في باطن اللحم وكل من الأمرين غير متحقق في السميط الواقع حيث لا يصل الماء إلى حد الغليان ولا يترك فيه إلا مقدار ما تصل الحرارة إلى سطح الجلد فتنحل مسام السطح عن الصوف بل ذلك الترك يمنع من جودة انقلاع الشعر فالأولى في السميط أن يطهر بالغسل ثلاثا لتنجس سطح الجلد بذلك الماء فإنهم لا يحترسون فيه عن المنجس وقد قال شرف الأئمة بهذا في الدجاجة والكرش والسميط مثلهما
صفحه ۲۱۱