Fath al-Mun'im: Sharh Sahih Muslim

Musa Shahin Lashin d. 1430 AH
120

Fath al-Mun'im: Sharh Sahih Muslim

فتح المنعم شرح صحيح مسلم

ناشر

دار الشروق

شماره نسخه

الأولى (لدار الشروق)

سال انتشار

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

ژانرها

وذهب البعض إلى أنه لا يصح الاعتماد على الرضا، لأن الرضا أمر قلبي، وقد يظهر المالك الرضا بسيف الحياء، وفي نفسه حرج وضيق خصوصا في هذه الأيام التي غلب فيها شح النفس، واشتد فيها الحرص والأثرة. وعلى هذا الرأي يمكن الاعتذار عن أبي هريرة بأنه دخل في حالة دهشة بدافع ديني كبير، وهذه ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات. وهذا الاعتذار يمكن اعتماده في دخول أبي هريرة على رسول الله ﷺ بدون إذنه وقد جعل الإذن من أجل البصر. حتى لو قيل: إنه لم يكن يعلم وجوده داخله، فإنه كان من الممكن أن ينادي: يا أهل البستان ويا من بداخله، أتأذن لي بالدخول فأدخل؟ ولعل في قول الرسول ﷺ بدهشة واستغراب عندما رآه: أبو هريرة؟ .. ما شأنك؟ وفي اعتذار أبي هريرة بالفزع. لعل في ذلك إشارة من الرسول ﷺ إلى أنه ما كان ينبغي هذا الفعل واعتذارا من أبي هريرة عنه بالفزع. أما إعطاؤه النعلين فلتكون علامة ظاهرة معلومة عندهم، يعرفون بها أنه لقي النبي ﷺ ويكون أوقع في نفوسهم، وآكد لهذه البشرى المستبعدة في اعتقادهم، وليس في هذا طعن في قبول خبر أبي هريرة بدون هذه العلامة، فإنه عدل وثقة مقبول الخبر. ولما كان التبشير بالجنة خاصا بمن شهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه. ولما كان أبو هريرة لا يعلم استيقان القلوب، كان المقصود من تبشيره من لقي إخباره أن من كانت هذه صفته فهو من أهل الجنة. وأما دفع عمر لأبي هريرة ﵄ -فإنه لم يقصد به سقوطه أو إيذاءه بل قصد رده عما هو عليه، وضرب بيده في صدره ليكون أبلغ في زجره، وليس فعل عمر ومراجعته النبي ﷺ اعتراضا عليه، أو ردا لأمره، وإنما رأى المصلحة في عدم التبشير خوف الاتكال فتكثر أجورهم، ولذا صوبه النبي ﷺ. على أن الصادر من النبي ﷺ ليس أمرا حقيقة، بل كان تطييبا لنفوس الصحابة. وكأن الرسول ﷺ منع معاذا (في الحديث السابق) من التبشير العام، وأذن لأبي هريرة بالتبشير لأفراد يأمن عليهم الاتكال، فلما خاف عمر من عدم انحصار الموضوع، وانتشار خطره وافقه الرسول ﷺ على وجهة نظره، ومنع التبشير الخاص كذلك. ومع أن منع التبشير ليس صريحا هنا فقد جعله العلماء من قبيل تغير الاجتهاد، قال النووي: وقد كان الاجتهاد جائزا له، وواقعا منه ﷺ عند المحققين وله مزية على سائر المجتهدين بأنه لا يقر على الخطأ في اجتهاده. قال: ومن نفى ذلك، وقال لا يجوز له القول في الأمور الدينية إلا عن وحي. فليس يمتنع أن يكون قد نزل عليه ﷺ وحي ناسخ للوحي السابق.

1 / 121