146

فتح المغيث

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث

ویرایشگر

علي حسين علي

ناشر

مكتبة السنة

ویراست

الأولى

سال انتشار

۱۴۲۴ ه.ق

محل انتشار

مصر

ژانرها

علوم حدیث
الرَّجُلِ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهُ، قَالَ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فَقُلْتُ: سُنَّةٌ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: سُنَّةٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالَّذِي يُشْبِهُ قَوْلَ سَعِيدٍ: سُنَّةٌ، أَنْ يَكُونَ أَرَادَ سُنَّةَ النَّبِيِّ ﷺ.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: إِذَا قَالَ سَعِيدٌ: " مَضَتِ السُّنَّةُ "، فَحَسْبُكَ بِهِ. وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنَ التَّابِعِينَ كَالْمُرْسَلِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي.
أَمَّا إِذَا جَاءَ عَنِ التَّابِعِيِّ: " كُنَّا نَفْعَلُ "، فَلَيْسَ بِمَرْفُوعٍ قَطْعًا وَلَا بِمَوْقُوفٍ إِنْ لَمْ يُضِفْهُ لِزَمَنِ الصَّحَابَةِ، بَلْ مَقْطُوعٌ، فَإِنْ أَضَافَهُ احْتَمَلَ الْوَقْفَ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ اطِّلَاعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَتَقْرِيرُهُمْ لَهُ، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَهُ ; لِأَنَّ تَقْرِيرَ الصَّحَابِيِّ لَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ، بِخِلَافِ تَقْرِيرِهِ ﷺ.
(وَذُو احْتِمَالِ) لِلْإِرْسَالِ وَالْوَقْفِ (نَحْوُ أُمِرْنَا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، بِكَذَا، إِذَا أَتَى (مِنْهُ) أَيْ: مِنَ التَّابِعِيِّ (لِلْغَزَالِيِّ) فِي الْمُسْتَصْفَى ; فَإِنَّهُ قَالَ: إِذَا قَالَ التَّابِعِيُّ: " أُمِرْنَا بِكَذَا " يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَمْرَ الشَّارِعِ، أَوْ أَمْرَ كُلِّ الْأُمَّةِ، فَيَكُونُ حُجَّةً، أَوْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فَلَا، وَمِنْ ذَلِكَ يَنْشَأُ احْتِمَالَا الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ.
وَلَكِنَّ قَوْلَهُ: " فَيَكُونُ حُجَّةً " كَأَنَّهُ يُرِيدُ فِي الْجُمْلَةِ، إِنْ شَمِلَ الْأَوَّلَ فَإِنَّهُ مُرْسَلٌ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَرْجِيحِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ تَرْجِيحُ إِرَادَةِ الرَّفْعِ أَوِ الْإِجْمَاعِ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: " فَلَا " لَكِنْ لَا يَلِيقُ بِالْعَالِمِ أَنْ يُطْلِقَ ذَلِكَ، إِلَّا وَهُوَ يُرِيدُ مَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ.
وَجَزَمَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعُدَّةِ " فِي أُصُولِ الْفِقْهِ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَحَكَى فِي سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ هَلْ يَكُونُ مَا يَأْتِي بِهِ مِنْ ذَلِكَ حُجَّةً وَجْهَيْنِ.
وَأَمَّا إِذَا قَالَ التَّابِعِيُّ: " كَانُوا يَفْعَلُونَ كَذَا " فَلَا يَدُلُّ - كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ - عَلَى فِعْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، بَلْ عَلَى الْبَعْضِ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ إِلَّا أَنْ يُصَرِّحَ

1 / 160