فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
ژانرها
ثم وجدتُ عثمان الدارميَّ قد رجَّح هذا الاحتمال الأخير؛ فقال: «كان معاويةُ معروفًا بقلَّة الرواية عن رسول الله ﷺ، ولو شاء لأكثر، إلا أنه كان يتقي ذلك، ويتقدَّم إلى الناس ينهاهم عن الإكثار على رسول الله ﷺ، حتى إنه كان ليقول: اتقوا من الروايات عن رسول الله ﷺ إلا ما كان يُذكر منها في زمن عمر، فإنَّ عمر كان يُخوِّف الناس في الله تعالى» (^١). فالحمد لله على توفيقه.
ومع ذا: فقد روى معاويةُ ﵁ قدرًا لا بأس به من الأحاديث.
قال النوويُّ: «رُوي له عن رسول الله ﷺ مائة حديث وثلاثة وستون حديثا (^٢)، اتفق البخاري ومسلم على أربعة منها، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بخمسة.
رَوَى عنه من الصحابة: ابن عباس، وأبو الدرداء، وجرير بن عبد الله، والنعمان بن بشير، وابن عمر، وابن الزبير، وأبو سعيد الخدري، والسائب بن يزيد، وأبو أمامة بن سهل. ومن التابعين: ابن المسيب، وحميد بن عبد الرحمن، وغيرهما» (^٣).
ولذا قال ابنُ كثيرٍ: «ورَوَى عن رسول الله ﷺ أحاديثَ كثيرة، في الصحيحين، وغيرهما من السنن، والمسانيد، ورَوَى عنه جماعة من الصحابة والتابعين» (^٤).
وأمَّا ابنُ الوزير اليماني فله إحصاءٌ آخر لأحاديثَ معاوية ﵁، من خلال الكتب الستة، ومسند أحمد؛ فقال: «وبعد هذه القواعد أذكرُ لك ما يصدِّقها من بيان أحاديث معاوية التي في الكتب الستة لتعرف ثلاثة أشياء: عدم انفراده فيما رَوَى، وقِلَّةَ ذلك، وعَدَمَ نكارته.
_________
(^١) الرد على بشر المريسي (٢/ ٦٣٢).
(^٢) وممن قرر هذا العدد قبل النووي: ابن حزم، وذلك في رسالته: أسماء الصحابة الرواة وما لكل واحد من العدد (ص: ٣٥).
(^٣) تهذيب الأسماء واللغات (٢/ ١٠٢ - ١٠٣)، وذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء (ص: ١٤٨).
(^٤) البداية والنهاية (١١/ ٣٩٧).
1 / 44