فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
ژانرها
فإن عارضنا جاهلٌ مفتونٌ قد خطي به عن طريق الرشاد فقال: لم قاتل فلان لفلان؟ ولم قتل فلان لفلان وفلان؟!
قيل له: ما بنا وبك إلى ذكر هذا حاجة تنفعنا ولا تضرنا إلى علمها.
فإن قال قائل: ولم؟
قيل: لأنها فتن شاهدها الصحابة ﵃ فكانوا فيها على حسب ما أراهم العلم بها، وكانوا أعلم بتأويلها من غيرهم، وكانوا أهدى سبيلًا ممن جاء بعدهم لأنهم أهل الجنة، عليهم نزل القرآن، وشاهدوا الرسول ﷺ وجاهدوا معه، وشهد لهم الله ﷿ بالرضوان والمغفرة والأجر العظيم، وشهد لهم الرسول ﷺ أنهم خير القرون، فكانوا بالله ﷿ أعرف، وبرسوله ﷺ وبالقرآن وبالسنة، ومنهم يؤخذ العلم، وفي قولهم نعيش، وبأحكامهم نحكم، وبأدبهم نتأدب، ولهم نتبع، وبهذا أُمرنا.
فإن قال قائل: وأيش الذي يضرنا من معرفتنا لما جرى بينهم والبحث عنه؟
قيل له: لا شك فيه، وذلك أن عقول القوم كانت أكبر من عقولنا، وعقولنا أنقص بكثير، ولا نأمن أن نبحث عما شجر بينهم فنزل عن طريق الحق، ونتخلف عما أُمرنا فيهم.
فإن قال قائل: وبم أُمرنا فيهم؟
قيل: أُمرنا بالاستغفار لهم، والترحم عليهم، والمحبة لهم، والاتباع لهم، دل على ذلك الكتاب والسنة وقول أئمة المسلمين، وما بنا حاجة إلى ذكر ما جرى بينهم، قد صحبوا الرسول ﷺ وصاهرهم وصاهروه، فبالصحبة له يغفر الله الكريم لهم، وقد ضمن الله ﷿ لهم في كتابه ألا يخزي منهم واحدًا، وقد ذكر لنا الله تعالى في كتابه أن وصفهم في التوراة والإنجيل فوصفهم بأجمل الوصف، ونعتهم بأحسن النعت، وأخبرنا مولانا الكريم أنه قد تاب عليهم، وإذا تاب عليهم لم يعذب واحدا منهم أبدا، ﵃ ورضوا عنه ﴿أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون﴾.
1 / 133