التقليد والاعتماد على العلماء المجتهدين، وبهذا كان التقليد أمرا واجبا مفروضا في الدين. والتقليد على هذا الأساس يعني تحميل المسؤولية وانما سمي تقليدا لان المكلف يضع عمله كالقلادة في رقبة المجتهد الذي يقلده تعبيرا رمزيا عن تحميله مسؤولية هذا العمل امام الله سبحانه وتعالى وليس التقليد هو التعصب والاعتقاد بما يعتقده الآخرون جهلا وبدون دليل ففرق بين ان يبدي شخص رأيا فتسارع إلى اليقين بذلك الرأي بدون ان تعرف دليلا عليه وتؤكد صحته، وبين ان يبدي شخص رأيا فتتبعه محملا له مسؤولية هذا الرأي بحكم كونه من ذوي الاختصاص والمعرفة، فالأول هو التقليد المذموم شرعا وعقلا والثاني هو التقليد الصحيح الذي جرت عليه سنة الحياة شرعا وعقلا.
وقد احتاطت الشريعة للتقليد احتياطا كبيرا ففرضت على المكلف ان يقلد اعلم المتخصصين في حالة اختلاف آرائهم وان لا يقلد الا من كان عادلا لا يميل عن الشرع إلى هواه خطوة في كبيرة أو صغيرة لكي يضمن المقلد بذلك أكبر درجة ممكنة من الصواب في رأي مرجعه الديني وأمرته في اللحظة التي يجد فيها الأكفأ والأعلم من مقلده السابق ان يعدل إليه، كل ذلك للابتعاد بالتقليد من معنى المتابعة العمياء والتعصب المذموم.
وعلى ذلك جرت سنة المؤمنين والمسلمين منذ عصر الأئمة عليهم السلام إلى يومنا، هذا فقد كان الأئمة عليهم السلام يوجهون السائلين من أبناء الأمصار الأخرى إلى تقليد الفقهاء من أبناء مدرستهم والرجوع إليهم ولا يرون لهم عذرا في التسامح في ذلك.
صفحه ۷