179

فتاوى قاضيخان

فتاوى قاضيخان

امرأة جاءت إلى القاضي وقالت أنا فلانة بنت فلان بن فلان وأن زوجي فلان بن فلان فلان عال عني ولم يخلف لي نفقة وطلبت من القاضي أن يفرض لها النفقة فهذا على وجهين إما إن كان للغائب مال حاضر في منزله من جنس النفقة كالدراهم والدنانير أو الطعام أو الثياب التي تكون من جنس الكسوة والقاضي يعلم أنها منكوحة الغائب فإن القاضي يأمرها أن تنفق على نفسها بالمعروف من ذلك المال من غير سرف ولا تقتير بعدما يحلفها القاضي بالله ما استوفيت النفقة ولم يكن بينكما سبب يمنع النفقة كالنشوز وغيره ويأخذ منها كفيلا لأنها لو ظفرت على مال الزوج بشيء من جنس النفقة كان لها أن تأخذ ذلك سرا أو جهرا وإن كره الزوج فكان أمر القاضي إعانة لها على استيفاء الحق ولم يكن قضاء إلا أنه يأخذ منها كفيلا أو يحلفها نظر للغائب وإن كان القاضي لا يعلم نكاحها وليس للغائب مال حاضر فأقامت المرأة البينة على النكاح لا يقبل القاضي بينتها قال الحاكم الشهيد رحمه الله وهذا قول أبي يوسف الآخر وهو قول محمد رحمه الله تعالى وقال شمس الأئمة السرخسي لا تقبل بينة المرأة عندنا بالاتفاق وإنما تقبل عند زفر رحمه الله تعالى قال وفرق أبو يوسف رحمه الله تعالى بين ما إذا كان للغائب مال حاضر وبين ما إذا لم يكن إن كان له مال حاضر يقبل القاضي بينتها وإن لم يكن لا يقبل وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى قال مشايخنا رحمهم الله تعالى كما نظن أن بينة المرأة على الزوج لا تقبل عند أصحابنا إذا لم يكن له مال حاضر وتقبل عند زفر رحمه الله تعالى وإنما عرفنا قول أبي يوسف رحمه الله تعالى في هذه المسألة كما هو قول زفر رحمه الله تعالى من الخصاف فقال تقبل بينة المرأة على قول أبي يوسف وزفر رحمهما الله تعالى في فرض النفقة على الغائب ولا تقبل في النكاح وليس في قبول البينة على هذا الوجه ضرر بالغائب فإن الغائب إذا حضر لو أقر بالنكاح كان له أن تأخذ النفقة المفروضة إن أنكر النكاح كان القول قوله وعليها إعادة البينة على النكاح ويجوز أن تقبل البينة في حكم دون حكم كما لو وكل رجلا بنقل عياله او عبده إلى بلد فأقامت المرأة البينة على الطلاق والعبد على العتق تقبل هذه البينة في قصر يد الوكيل ولا تقبل في الطلاق والعتاق وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية إذا لك يعلم القاضي بالنكاح وليس للغائب مال حاضر فأقامت المرأة البينة على النكاح يقول لها القاضي إن كنت صادقة قد فرضت لك النفقة على الغائب وإن كنت كاذبة لم أفرض لك فإن كانت صادقة تستحق النفقة وإلا فلا والقضاة في زماننا يقبلون البينة على النكاح لفرض النفقة لأنه مجتهد فيه وللناس حاجة وعلى قول من يقبل هذه البينة لا تحتاج المرأة إلى إقامة البينة إن الغائب لم يخلف لها النفقة وكما لا يفرض القاضي على الغائب إذا لم يعلم بالنكاح في ظاهر الرواية لا يأمرها بالاستدانة وكان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول أو لا يأمرها بالاستدانة ثم رجع وعلى هذا لو كان للغائب وديعة في يد رجل من جنس النفقة أو دين على رجل فطلبت المرأة نفقتها من الوديعة أو الدين إن كان المودع والمديون مقرا بالوديعة والنكاح والدين يأمرهما بأداء النفقة نظرا للمرأة كما لو كان المال موضوعا في بيته بعد ما يحلفها بالله ما استوفيت النفقة ويأخذ منها كفيلا في قولهم وإن شاء ضمنها ومعنى هذا الضمان أن يقول لها لا أصدقك ولكني أقرضك فإن كنت صادقة فلا شيء عليك وإن كنت كاذبة استرد منك المال والوديعة أولى من الدين في البداءة بالإنفاق عليها وبعدما أمر القاضي المودع أو المديون إذا قال المودع دفعت المال إليها لأجل النفقة قبل قوله ولا يقبل قول المديون إلا ببينة ولو كان على الغائب دين آخر غير النفقة فأحضر صاحب الدين غريما آخر للغائب أو مودعا للغائب لا يأمر القاضي المودع والمديون بقضاء الدين وإن كان مقرا بالمال والدين ولو دفع المودع الوديعة إلى امرأة صاحب الوديعة لأجل النفقة أو إلى ولده أو إلى والديه إن دفع بأمر القاضي لا ضمان عليه وإن بغير أمر القاضي كان ضامنا كما لو قضى المودع بالوديعة دينا لصاحب الوديعة فإنه يضمن ولو كان المودع أو المديون جاحدا للمال والنكاح فأقامت المرأة البينة على ما ادعت لم تقبل بينتها أما في المال فلأنها تثبت مالا للغائب وإنها ليست بخصم عنه وأما إذا أقامت البينة على النكاح فلأنها تثبت النكاح على الغائب وليس عن الغائب خصم حاضر فلا تقبل البينة في قول أبي حنيفة الآخر وهو قول صاحبيه رحمهما الله تعالى ولو أن المرأة استدانت على زوجها الغائب يعني اشترت طعاما بالنسيئة لتقضي الثمن من مال الغائب إن استدانت بغير أمر القاضي لا يلزم زوجها في قول أبي حنيفة الآخر وهو قول صاحبيه حتى لو حضر الغائب لا يكون لها أن ترجع على الغائب وإن استدانت بأمر القاضي رجعت بذلك على زوجها والمفقود في جميع ما ذكرنا بمنزلة غائب آخر ولا يباع على الغائب عروضه في النفقة وإذا بعث الرجل إلى امرأته بثوب فقال الزوج هو مهر أو قال هو من الكسوة وقالت المرأة هي صلة كان القول قول الزوج وكذا لو أعطاها دراهم فقال هي نفقة وقالت المرأة هي هدية كان القول قول الزوج وكذا لو كان على الرجل ديون مختلفة فأدى شيئا وقال هو من دين كذا كان القول قوله لأنه هو المملك وكذلك الزوج إلا أن تقيم المرأة البينة أنه بعث إليها هدية وإن أقاما جميعا البينة فالبينة بينة الزوج وكذا لو أقام كل واحد منهما البينة على إقرار الآخر كانت البينة بينة المملك وكذلك لو اختلف الزوجان بعد فرض النفقة في مقدار المفروض أو فيما مضى من الزمان بعد فرض القاضي كان القول قول الزوج لأنه ينكر الزيادة والبينة بينة المرأة لأنها تثبت الزيادة.

رجل له عمامة واحدة لا يجبر على بيعها في النفقة لأنه لا يجبر على بيع ثياب البدن في سائر الديون فكذلك في النفقة ولا يباع على الزوج الحاضر عروضه في الدين والنفقة في أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن ذلك حجر وهو لا يرى الحجر وقال صاحباه رحمهما الله تعالى تباع عروضه في الدين والنفقة وإذا استعجلت المرأة نفقة مدة ثم ماتت قبل مضي تلك المدة ليس للزوج أن يسترد شيئا من ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى يسلم لورثتها حصة ما مضى من المدة ويرد الباقي على الزوج إن كان قائما ومن تركتها إن لم يكن قائما لأنه عجل النفقة لإسقاط الواجب وقد بطلت النفقة بالموت فيسترد المعجل لفوات الفرض كما لو أعطى لامرأة نفقة ليتزوجها فماتت كان له أن يسترد ذلك ولو أعطى النفقة للتي طلقها ثلاثا في عدة المحلل ليتزوجها بعد انقضاء العدة فلم تزوج نفسها منه قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إن أعطاها دراهم كان له أن يرجع إلا أن يكون على وجه الصلة وقال غيره من المشايخ رحمهم الله تعالى إن أعطى النفقة وشرط فقال أنفق عليك على أن تتزوجيني فزوجت نفسها منه أو لم تزوج كان له أن يرجع عليها وإن لم يذكر ذلك إلا أنه عرف دلالة أنه ينفق لأجل ذلك قال بعضهم لا يرجع وقال الشيخ الإمام الأجل الأستاذ ظهير الدين رحمه الله تعالى يرجع بذلك على كل حال لأنه رشوة إلا أن ينص على الصلة.

امرأة لها زوج موسر يقال للابن أقرضه ويجبر عليها فإن أبى يفرض على النفقة.

صفحه ۲۱۳