فتاوای کبری

ابن تیمیه d. 728 AH
135

فتاوای کبری

الفتاوى الكبرى

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

وَمَنْ كَانَ مَسْلُوبَ الْعَقْلِ أَوْ مَجْنُونًا فَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ الْقَلَمُ قَدْ رُفِعَ عَنْهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ عِقَابٌ، وَلَا يَصِحُّ إيمَانُهُ وَلَا صَلَاتُهُ وَلَا صِيَامُهُ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِهِ، فَإِنَّ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا لَا تُقْبَلُ إلَّا مَعَ الْعَقْلِ، فَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ عِبَادَتِهِ، لَا فَرَائِضِهِ وَلَا نَوَافِلِهِ، وَمَنْ لَا فَرِيضَةَ لَهُ وَلَا نَافِلَةَ لَيْسَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُولِي النُّهَى﴾ [طه: ٥٤]، أَيْ الْعُقُولِ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ﴾ [الفجر: ٥]، أَيْ لِذِي عَقْلٍ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ١٩٧]، وَقَالَ: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ [الأنفال: ٢٢]، وَقَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [يوسف: ٢]، فَإِنَّمَا مَدَحَ اللَّهُ، وَأَثْنَى عَلَى مَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ، فَأَمَّا مَنْ لَا يَعْقِلُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَحْمَدْهُ، وَلَمْ يُثْنِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ بِخَيْرٍ قَطُّ، بَلْ قَالَ تَعَالَى عَنْ أَهْلِ النَّارِ ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك: ١٠]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٩] . وَقَالَ: ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا﴾ [الفرقان: ٤٤] .

1 / 182