فتاوای کبری

ابن تیمیه d. 728 AH
108

فتاوای کبری

الفتاوى الكبرى

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

كَبَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَبَيْعِ الْأَجِنَّةِ فِي الْبُطُونِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ لَفْظُ الرِّبَا، فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ وَرِبَا الْفَضْلِ وَالْقَرْضِ الَّذِي يَجُرُّ مَنْفَعَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَالنَّصُّ مُتَنَاوِلٌ لِهَذَا كُلِّهِ، لَكِنْ يُحْتَاجُ فِي مَعْرِفَةِ دُخُولِ الْأَنْوَاعِ وَالْأَعْيَانِ فِي النَّصِّ إلَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا الَّذِي يُسَمَّى تَحْقِيقَ الْمَنَاطِ. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١] . وَقَوْلُهُ: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، وَنَحْوُ ذَلِكَ يَعُمُّ بِلَفْظِهِ كُلَّ مُطَلَّقَةٍ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ فَهُوَ رَجْعِيٌّ، وَلِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ بِذَلِكَ، وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ الْمَرْأَةَ ثَلَاثًا، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إلَّا رَجْعِيًّا، وَإِنَّ مَا كَانَ بَائِنًا فَلَيْسَ مِنْ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ فَلَا يَكُونُ الْخُلْعُ مِنْ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ، كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ، وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، لَكِنْ بَيْنَهُمْ نِزَاعٌ، هَلْ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَخْلُوَ الْخُلْعُ عَنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَنِيَّتِهِ، أَوْ بِالْخُلُوِّ عَنْ لَفْظِهِ فَقَطْ، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم: ٢]، وَذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ هُوَ مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ يَمِينٍ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ. فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ: كُلُّ يَمِينٍ مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ فَفِيهَا كَفَّارَةٌ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَتَنَاوَلُ النَّصُّ إلَّا الْحَلِفَ بِاسْمِ اللَّهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ لَا تَنْعَقِدُ وَلَا شَيْءَ فِيهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ هِيَ أَيْمَانٌ يَلْزَمُ الْحَلِفُ بِهَا مَا الْتَزَمَهُ وَلَا تَدْخُلُ فِي النَّصِّ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ النَّصَّ يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَمَنْ قَالَ إنَّ النَّصَّ لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ جَمِيعِ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ، كَانَ هَذَا رَأْيًا مِنْهُ، لَمْ يَكُنْ هَذَا مَدْلُولَ النَّصِّ. وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي عَامَّةِ مَسَائِلِ النِّزَاعِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إذَا طُلِبَ مَا يَفْصِلُ النِّزَاعَ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وُجِدَ ذَلِكَ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ النُّصُوصَ شَامِلَةٌ لِعَامَّةِ أَحْكَامِ الْأَفْعَالِ.

1 / 155