Fatawa and Consultations of Islam Today

Group of Authors d. Unknown
77

Fatawa and Consultations of Islam Today

فتاوى واستشارات الإسلام اليوم

ناشر

موقع الإسلام اليوم

ژانرها

ومثلها (النعاس) في قوله تعالى: "ثُمّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مّن بَعْدِ الْغَمّ أَمَنَةً نّعَاسًا يَغْشَىَ طَائِفَةً مّنْكُمْ" [آل عمران:١٥٤] . فليس النعاس بالمثل جسمًا ماديًا ليصح وصفه بالنزول الحسي، وإنما يصح التمثيل بالمطر ينقذ الأرض العطشى خاصة مع العدول عن التعبير بفعل الإنزال إلى التصوير بالتغشية في قوله تعالى: "إِذْ يُغَشّيكُمُ النّعَاسَ أَمَنَةً مّنْهُ وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن السّمَاءِ مَاءًَ" [الأنفال:١١]، فتأمل الجناس بين النزول المعنوي للنعاس، والحسي للمطر بجامع النصرة والتثبيت، وكأن وقوع النعاس بما صاحبه من زوال الخوف غيثًا أحاط بهم فأزال خوفهم من الهلاك، ومثله قوله تعالى: "وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَم وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًاُ" [النساء: ١١٣] . فليست الحكمة جسما لتنزل حسيًا، ولم ينزل الكتاب صفحات ورقية؛ وإنما الإنزال بيانًا للفضل ويفسره التعليم. وفي وصف بعثة النبيين ﵈ أجمعين- في قوله تعالى: "كَانَ النّاسُ أُمّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النّبِيّينَ مُبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقّ" [البقرة: ٢١٣]، لا تدل المعية بنزول الكتاب معهم على هبوطهم من السماء، وإنما فعل البعث يصرف (الإنزال) إلى التصوير تشريفًا لهم وبيانًا لوحدة الرسالة لتوحيد الكتاب، ومثله قوله تعالى: "فَالّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتّبَعُواْ النّورَ الّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [الأعراف: ١٥٧] .

1 / 77