61

Fatwas on Alcohol and Drugs

فتاوى الخمر والمخدرات

پژوهشگر

أبو المجد أحمد حرك

ناشر

دار البشير والكوثر للطباعة والنشر

هو ما فيها من لذة الشرب، وإنما حرم ثمن الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام. فكيف تجعل المفسدة المالية هي حكمة النهي فقط، وهي تابعة، وتترك المفسدة الأصلية التي هي فساد العقل والقلب؟!

والمال مادة البدن، والبدن تابع القلب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح بها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد بها سائر الجسد، ألا وهي القلب)(٣٠). والقلب هو محل ذكر الله تعالى وحقيقة الصلاة. فأعظم الفساد في تحريم الخمر والميسر إفساد القلب الذي هو ملك البدن: أن يصد عما خلق له من ذكر الله والصلاة، ويدخل فيما يفسد من التعادي والتباغض. والصلاة حق الحق. والتحاب والموالاة حق الخلق. وأين هذا من أكل مال بالباطل؟! ومعلوم أن مصلحة البدن مقدمة على مصلحة المال، ومصلحة القلب مقدمة على مصلحة البدن، وإنما حرمة المال لأنه مادة البدن، ولهذا قدم الفقهاء في كتبهم ربع العبادات على ربع المعاملات، وبهما تتم مصلحة القلب والبدن. ثم ذكروا ربع المناكحات، لأن ذلك مصلحة الشخص. وهذا مصلحة النوع الذي يبقى بالنكاح. ثم لما ذكروا المصالح ذكروا ما يدفع المفاسد في ربع الجنايات.

وقد قال تعالى: ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون))(٣١)، و ((عبادة(٣٢) الله تتضمن معرفته، ومحبته، والخضوع له، بل تتضمن كل ما يحبه ويرضاه. وأصل ذلك وأجله ما في القلوب: الإيمان، والمعرفة، ومحبة الله، والخشية له، والإنابة إليه، والتوكل عليه، والرضى بحكمه، مما تتضمنه الصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن، وكل ذلك داخل في معنى ذكر الله والصلاة، وإنما الصلاة وذكر الله من باب عطف الخاص على العام، كقوله تعالى: (وملائكته، وجبريل وميكال) (٣٣)، وقوله تعالى:

(٣٠) متفق عليه من حديث النعمان بن بشير.

(٣١) الآية ٥٦ من سورة الذاريات.

(٣٢) القوس موجود بالنص المطبوع، ولا توجد كمالته، ولا أجد له داعيا هنا.

(٣٣) جزء من الآية ٩٨ من سورة البقرة، وصواب النص: (وملائكته ورسله وجبريل وميكال).

61